( وحكى ) عن الشبلى رحمة الله عليه أنه رأى فى بعض الايام مجنونا والصبيان يرمونه بالحجارة وقد أدموا وجهه وشجوا رأسه فجعل الشبلى يزجرهم عنه قالوا دعنا نقتله فأنه كافر يزعم انه يرى ربه ويخاطبه فقال كفوا عنه ثم تقدم اليه الشبلى فوجده يتحدث ووجهه يضحك ويقول أجميل منك تسلط على هؤلاء الصبيان ثم قال ما الذى يقولونه عنى قلت يقولون انك تزعم انك ترى ربك ويخاطبك فصرخ صرخة عظيمة ثم قال ياشبلى وحق من تيمنى بحبه وهيمنى بقربه لو احتجب عنى طرفة عين لتقطعت من ألم البين قال الشبلى فعلمت انه من الخواص ارباب الاخلاص فقلت له حبيبى ما حقيقة المحبة فقال يا شبلى لو قطرت قطرة من المحبة فى البحار أو وضعت ذرة منها على الجبال لصارت هباء منثورا فكيف بقلب كساه الغرام قلقا وزاده الهيام حرقا وتحيرا وهكذا فالمحبة حبة بذرت فى أرض القلوب وسقيت بماء التوبة من الذنوب فأنبتت سنابل المحبة فى كل سنبلة مائة حبة . فالله أناس ما تركوا فى قلوبهم لغير محبوبهم مجال .
قال ذو النون المصرى رحمة الله عليه مررت يوما ببعض الاسواق فرأيت جنازة محمولة على أربعة أنفس وليس معها أحد فقلت والله لاكونن خامسهم لانال الاجر والثواب فلما أتوا الجبانة قلت ياقوم اين ولى هذا الميت فيصلى عليه فقالوا ياشيخ كلنا فى الامر سواء ليس منا أحد يعرفه فتقدمت وصليت عليه وأنزلناه فى لحده وحثونا عليه التراب فلما هموا بالانصراف قلت لهم ما شأن هذا الميت فقالوا لانعرف خبره غير ان امرأة اكترتنا لنحمله الى هذا المكان وهى لاحقة بنا الان فبينما نحن فى الحديث أذ جاءت امراة عليها سيما الخير والصلاح وهى باكية العين حزينة القلب فلما وقفت على القبر كشفت وجهها ونشرت شعرها ورفعت يدها الى السماء وهى تتضرع وتقول كلاما وتدعو حتى سقطت الى الارض مغشيا عليها ثم أفاقت بعد ذلك وهى تضحك فقلت لها اخبرينى عن خبرك وخبر هذا الميت وكيف الضحك بعد ذلك البكاء الشديد فقالت من انت فقلت ذو النون فقالت والله لولاك من أعيان الصالحين لما أخبرتك هذا ولدى وقرة عينى كان تائها بشبابه لابسا ثياب أعجابه لم يدع سيئة الا ارتكبها ولا معصية ألا سعى اليها وطلبها وقد بارز مولاه العلام بالمعاصى والاثام فحصل له فى يوم من الايام ألم من الالام منذ ثلاثة ايام فلما عاين الموت قال يأماه سألتك بالله الا ما قبلت وصيتى أذا انا مت فلا تعلمى بموتى أحدا من اصحابى واخوانى ولا من أهلى وجيرانى فانهم لايترحمون على لسؤ فعلى وكثرة ذنوبى وجهلى ثم بكى وقال أه على ما فرطت فى جنب الله أه على قلبى ماأقساه بالله عليك ياأمى اذا انا مت فضعى خدى على الارض والتراب وضعى قدمك على الخد الاخر وقولى هذا جزاء عبد عصى مولاه وخالفه واتبع هواه فاذا دفنتينى فارفعى يدك الى الله عزوجل وقولى اللهم انى رضيت عنه فارض عنه فلما مات عملت بجميع ما أوصانى فلما رفعت رأسى الى السماء سمعت صوتا بلسان فصيح يقول أنصرفى يااماه فقد قدمت على رب كريم غير غضبان على فلما سمعت ذلك ضحكت ... قال منصور بن عمار رحمة الله عليه موت العبد قسم حاله على على خمسة اقسام ألمال للوارث والروح لملك الموت وأللحم للدود والعظم للتراب والحسنات للخصوم ثم قال ان ذهب الوارث بالمال يجوز وان ذهب ملك الموت بالروح يجوز فيا ليت الشيطان لا يذهب بالايمان عند الموت فيكون فراقا من الرب سبحانه وتعالى نعوذ بالله من ذلك .....يتبع بأذن الله تعالى .