والمثال الثانى الكفر مثلا بالنسبة الى صحة الصلاة فانه مانع من صحتها لا لمنافاته لسببها من دخول وقتها بل لمنافاته لها فى نفسها اذ لايمكن مع الكفر التقرب بها الى المولى تبارك وتعالى . وهذا معنى قول الاصوليين المانع ينقسم الى مانع السبب والى مانع الحكم وقولنا ايضا فى حد المانع لذاته راجع الى الحملة الاخيرة وهى قولنا ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته لان عدم المانع أيضا هو الذى يتفق ان يصحبه وجود السبب والشرط فيلزم حينئذ من عدمه الوجود ولكن ليس ذات عدمه هى التى اقتضت الوجود بل الذى اقتضاه أجتماع السبب مع الشرط عند عدم ذلك المانع وقد يصحب عدم المانع عدم السبب أو عدم الشرط فيلزم حينئذ العدم لكن ليس لذات عدم المانع بل لمصاحبة عدم السبب أو عدم الشرط زأما الجملة الاولى وهى قولنا ما يلزم من وجود العدم فمعناها لازم للمانع على كل حال ( تنبيه ) تقدم ان خطاب الوضع هو نصب الشارع امارة من سبب أو شرط أو مانع على الطلب بأقسامه الاربعة وعلى الاباحة وعليه فلكل واحد من الاحكام الخمسة سبب وشرط ومانع قال بعضهم ممثلا للاقسام فالواجب كالظهر فالسبب زوال الشمس والشرط العقل والبلوغ والمانع الحيض والاغماء والمندوب كالنافلة فالسبب لها دخول الوقت وشرطها العقل والمانع عدم الوقت والمحرم كأكل الميتة فالسبب موتها حتف أنفها والشرط عدم الضرورة والمانع وجود الضرورة والمكروه كصيد اللهو فالسبب اللهو والشرط عدم الضرورة والمانع وجود الضرورة والمباح كالنكاح فالسبب له العقد والشرط خلو العقد من الموانع والمانع النكاح فى العدة مثلا
( أقسام حكم الشرع خمسة ترام * فرض وندب وكراهة حرام )
( ثم أباحة فأمور جزم * فرض ودون الجزم مندوب وسم )
( ذو النهى مكروه ومع حتم حرام * مأذون وجيهه مباح ذا تمام )
ومما سبق فقد اخبر ان أقسام الحكم الشرعى خمسة ترام أى تقصد وجملة ترام صفة لخمسة وهى الفرض والندب والكراهة والحرام والاباحة ثم فسر ما أجمل فى البيت قبله بقوله فأمور جزم ألخ يعنى ان المأمور بفعله ان جزم بالامر به أى طلب فعله طلبا جازما بأن لم يجوز تركه فهو الفرض وذلك كالايمان بالله ورسله وكقواعد الاسلام الخمس وان لم يجزم بالامر به بأن طلب طلبا غير جازم بأن جوز تركه فهو المندوب وذلك كصلاة الفجر ونحوها وجملة وسم أى علم من الوسم وهى العلامة صفة مندوب وان المنهى عن فعله الذى تركه ان كان النهى من غير تحتم بأن جوز فعله فهو المكروه وذلك كالقراة فى الركوع مثلا وان كان مع تحتم بان لم يجوز فعله فهو الحرام وذلك كشرب الخمر والزنا ونحوهما وان ما أذن الشرع فى فعله وتركه على السواء هو المباح ثم أفاد بقوله ذا تمام ان هذا القسم الاخير أو جميع الاقسام المذكورة تمام أقسام الحكم الشرعى ...........يتبع