فى قول بسم الله الرحمن الرحيم ( 1 )
من بعد بسم الله ذى الاحسان الحمد لله العظيم الخالق البارئ من غير شكل سابق أبتدأ بها عملا بقوله عليه الصلاة والسلام كل أمر ذى بال لايبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر وفى رواية الرهاوى أقطع ومعناه ناقص قليل البركة وذى بال شرف وعظمة أوحال يهتم به ولخبر ابن عباس لم يبدأ فيه ببسم الله ولقول عكرمة أنها أول ما كتب القلم فى اللوح فجعلها الله تعالى أمانا للخلق ماداموا عليها وقول من قال من المالكية ابتدأ بها اقتداء بالكتاب العزيز يريد أنها لم يبتداء الكتاب العزيز ألا بها لانها عندنا ليست من الفاتحة الا ان يريد الابتداء بكتابتها * وقول الناظم الحمد لله أكثر المتأخرين ان بين الحمد والشكر عموما من وجه وخصوصا من وجه لآن الحمد هو الثناء باللسان على قصد التعظيم سواء تعلق بنعمة أو غيرها والشكر فعل ينيئ عن تعظيم المنعم لكونه منعما سواء كان باللسان أو بالجنان او بالاركان قال الشاعر : أفادتكم النعماء منى ثلاثة يدى ولسانى والضمير المحجبا فمورد الحمد اللسان فقط ومتعلقه النعمة وغيرها ومتعلق الشكر النعمة فقط ومورده اللسان وغيره فالحمد أعم من الشكر باعتبار متعلقه وأخص بأعتبار مورده والشكر بالعكس وقد يجتمعان وقد يفترقان يجتمعان بالثناء باللسان فى مقابلة النعمة وينفرد الحمد بالثناء باللسان لا فى مقابلة نعمة وينفرد الشكر بالثناء بالجنان فى مقابلة النعمة واففتح الناظم الاهم المقصود به اقتداء بالكتاب العزيز وعملا بخبر ابى هريرة كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم وقولنا الاهم المقصود جمعا بين حديثى البسملة والحمد له فأن الافتتاح بكل منهما مقصود لكن كل بالنسبة لما يليه ونجيب أيضا بأن الاول أفتتاح حقيقى والثانى اضافى ولم يعكس ذلك لقوة حديث البسملة ولان لفظ الحمد غير متعين بل المقصود ايقاع ذكر من الاذكار وقد حصل بالبسملة اذا المقصود بالحمد الثناء على الله تعالى والبسملة من أبلغه وليس المراد تعين لفظ الحمد بل المطلوب ايقاع ذكر من الاذكار وبهذا نجيب عن الامام ماللك رحمه الله تعالى حيث ابتدأ كتابه الموطأ بالبسملة ( فائدة ) قال ابن الخطيب الحمد لله ثمانية أحرف وأبواب الجنة ثمانية أبواب فمن قال الحمد لله فتحت له ابواب الجنة الثمانية ثم وصف الناظم مستحق الحمد بقوله العظيم قال الرازى معناه عند أهل التحقيق يرجع الى استحقاقه لصفات العلو والمجد ورفعة القدر لآن العظيم بمعنى كثير الاجزاء محال فى حقه عز وجل ومن صفات علوه تعالى استحقاقه وجوب القدم والوحدانية وانفراده تعالى بالقدرة على الايجاد وشمول علمه تعالى لجميع المعلومات وشمول قدرته تعالى لجميع المقدورات وادراك سمعه تعالى وبصره لجميع المسموعات والمرئيات واستغناؤه عن الانصار والاعوان وتقدسه تعالى عن الزمان والمكان وتنزه ذاته تعالى عن قبول الحدثان وبقوله الخالق قال الرازى الصحيح انه المخترع للاعيان المبدع لها وقيل الخلق هو التقدير وقيل هو التصوير .........يتبع