الحاديةعشر والثانية عشر والسمع والبصر قال فى المقدمات والسمع الازلى صفة ينكشف بها كل موجود على ما هو به انكشافا يباين سواه ضرورة و البصر مثله والادراك على القول به مثلهما قال فى شرحها هذه الصفات مشتركة فى تعلقها بالموجود قديما كان أو حادثا الا انها فى الشاهد مختصة ببعض الموجودات لتخصيصه تعالى بذلك ولو خرق الله سبحانه العادة فى ذلك لصح ان تتعلق بسائر الموجودات ولهذا جازت رؤية المخلوق لمولانا تبارك وتعالى على مذهب أهل الحق وجاز سماعهم لكلامه القديم بذاته العلية مع ان الرؤية فى الشاهد انما جرت العادة بتعلقها بالاجرام وألوانها وأكوانها . والسمع فى الشاهد انما جرت العادة بتعلقه بالحروف والاصوات ولما أستحال دخول التخصيص فى صفات المولى تبارك وتعالى لاستلزامه الافتقار الى المخصص المستلزم للحدوث وجب تعميم تعلق صفاته تعالى بكل ما تصلح له لانها لانها واجبة فلا يمكن ان تتصف بما يقتضى حدوثها والقاعدة ان كل مايقبله مولانا تبارك وتعالى من الصفات الذاتية وكمالاتها فهو واجب لاستحالة اتصافه جل وعلا بالجائزات . وفى شرح الصغرى ونبه بقوله المتعلقان بجميع الموجودات على ان سمعه تعالى وبصره مخالفان لسمعنا وبصرنا فى التعلق لان سمعنا انما يتعلق عادة ببعض الموجودات وهى الاصوات على وجه مخصوص من عدم البعد والسر جدا وبصرنا انما يتعلق عادة ببعض الموجودات وهى الاجسام والوانها وكونها فى جهة مخصوصة على صفة مخصوصة وأما سمع مولانا جل وعز وبصره فيتعلقان بكل موجود قديما كان أو حادثا فيسمع جل وعز ويرى فى أزله ذاته العلية وجميع صفاته الوجودية ويسمع ويرى تبارك وتعالى مع ذلك فيما لايزال ذوات الكائنات كلها وجميع صفاتها الوجودية كانت من قبيل الاصوات او من غيرها اجساما كانت أو الوانا أو أكوانا أو غيرها .
* الثالثة عشر وهى فى ترتيب النظم الثانية عشرة الكلام قال فى المقدمات والكلام الازلى هو المعنى القائم بالذات المعبر عنه بالعبارات المختلفات المباين لجنس الحروف والاصوات المنزه عن البعض والكل والتقديم والتأخير والسكوت واللحن والاعراب وسائر انواع التغيرات المتعلق بما يتعلق به العلم من المتعلقات قال فى شرحها لا شك ان الكتاب والسنة والاجماع مصرحة بأثبات الكلام لمولانا تبارك وتعالى من أمر ونهى ووعد ووعيد وتبشير وتحذير واخبار ودليل العقل ايضا يدل بالطريق القطعى ان كل عالم بأمر يصح ان يتكلم به ومولانا تبارك وتعالى عالم بجميع المعلومات فصح ان له كلاما يتعلق بها وكل ما صح ان يتصف به جل وعلا وجب له لاستحالة اتصافه تعالى بصفة جائزة فالكلام اذا واجب له تعالى ثم قال وقد اتضح ان الحق ماأجمع عليه أهل السنة من ثبوت كلام المولى تبارك وتعالى ليس من جنس الحروف والاصوات منزها عن التقديم والتأخير والجزء والكل واللحن والاعراب والسكون ونحوها من خواص كلامنا الحادث لسانيا كان أو نفسانيا لاستلزام ذلك كله النقص والبكم والحدوث وانما كلامه جل وعلا صفة واجبة القدم والبقاء متعلقة بجميع ما تعلق به علمه وكنهه محجوب عن العقل أذ لا مثل له لا عقليا ولا وهميا ولا خياليا ولا موجودا ولا مقدرا وذلك كذاته العلية وسائر صفاته . وحاصله أثبات الكلام القديم وانه يستحيل ان توجد فه صفة من صفات الكلام الحادث من حروف واصوات وما ذكر بعدها وانما هو صفة معنى موجود قائم بذاته العلية ويعبر عنه بالعبارات المختلفات كالتوراة والانجيل والزبور والفرقان وليست هذه العبارات هى عين كلامه تعالى لانها بالحروف والاصوات بل هذه الحروف دالة على كلام الله تعالى القديم ولم يحل كلامه تعالى فى شئ من الكتب بل هو قائم بذاته العلية لايفارقه ولا يتصف به غيره لكن لما كانت حروف القرأن دالة على كلامه تعالى أطلق على القرأن أنه كلام الله من باب تسمية الدال بأسم المدلول وذلك كقول عائشة رضى الله عنها ما بين دفتى المصحف كلام الله ثم قال فى شرح المقدمات بعد ما تقدم عنه واذا عرفت مذهب اهل الحق فى كلام الله تعالى عرفت ان اطلاق السلف رضى الله عنهم على كلام الله تعالى انه مقرؤ بالالسنة مكتوب بالمصاحف محفوظ فى الصدور هو بطريق الحقيقة لا المجاز وليس يعنون بذلك حلول كلام الله تعالى القديم فى هذه الاجرام تعالى الله عن ذلك وانما يريدون أن كلامه تعالى مذكور مدلول عليه بتلاوة اللسان وكلام الجنان وكتابة البنان فهو موجود فيها فهما وعلما لا حلولا لان الشئ له وجودات أربع وجود فى الاعيان ووجود فى الاذهان ووجود فى اللسان ووجود فى البنان أى بالتابة بالاصابع فالوجود الاول هو الوجود الذاتى الحقيقى وسائر الوجودات انما هى بأعتبار الدلالة والفهم وبهذا تعرف ان التلاوة غير المتلو والقراءة غير المقرؤ والكتابة غير المكتوب لان الاول من كل قسم من هذه الاقسام حادث والثانى منها قديم لا نهاية له . تم