( الثالث ) قال الامام أبو عبدالله محمد الحطاب رحمه الله السنة لغة الطريقة وما رسم ليحتذى والمراد بها عرفا طريقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التى لم يدل دليل على وجوبها ثم ان كان قد فعلها وداوم عليها وأظهرها فى جماعة كالوتر والعيدين والاستسقاء أو فهم منه أدامتها كصلاة خسوف الشمس فسنة مؤكدة أى لا يسع تركها وان لم يأثم التارك لها وان اختل الاظهار أو دوامه فنافلة كصلاة الضحى وقيام الليل لان صلاة الليل أظهرها ولم يدوام علي أظهارها وصلاة الضحى دوام عليها ولم يظهرها حتى قالت عائشة رضى الله عنها من حدثك انه كان يصلى الضحى فقد كذب وصح نقلها عنه عليه الصلاة والسلام من غير وجه فتأمل ذلك وان وقع الترغيب فيها بمجرد قوله ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها وكذا بمجرد فعل كركعتين بعد المغرب واحياء ما بين العشاءين وانما اختلف فى ركعتى الفجر اعتبارا لمدرك الحكم والله أعلم وان كانت منوطه بالاكل والشرب والسفر واللباس فهى الادب هذا ما اقتضاه كلام الشيخ يعنى ابن أبى زيد فى رسالته وهو قريب من اصطلاح المحدثين والشافعيةوأما أهل المذهب فكل ما وراء الفرض عندهم نافلة لان أصل النفل الزيادة ثم تفصل الى سنة مؤكدة ومخففة ورغيبة ونافلة وهى الفضيلة قال ابن بشير ولا فرق بينها الا كثرة الثواب وقد اضطر أهل المذهب فى ذلك بما يفهم منه ان ذلك راجع للاصطلاح وهو لا يتقيد بغير قصد واضعه وقال المارزى السنة ما رسم ليحتذى فالواجب يسمى سنة على هذا وهى طريقة من طرق صاحب الشرع وأصل السنة الطريقة لكن غلب على السنة الفقهاء اطلاق هذه التسمية على المراسم التى يجوز تركها والواجب يحرم تركه ولا يطلقون عليه هذه التسمية فى غالب محاوراتهم وقد يطلقون السنة على ما وجب بالسنة وهو شاذ عن عادة الاطلاق عندنا وكذلك يطلق الفقهاء لفظ الرغائب والواجبات مرغب فيها والاشتقاق يقتضى كونها من الرغائب لكنهم لا يختلفون فى الامتناع من ايقاع هذه التسمية على الواجبات واما النفلة فهى الزيادة وتطلق على بعض المندوبات لكونها زيادة على الفرض وأصل الاشتقاق يقتضى اطلاق التسمية على سائر المندوبات لكونها زيادة على اصل الفرض لكنهم لم يستعملوها أيضا فى الجميع وكذلك قولهم فضيلة انما يطلقونه على بعض المندوبات فان كان أخذا من الفضل فالواجب فيه فضل وان كان أخذا من الفضلة فالمندوبات كلها كالفضلة مع الواجبات هذا اشتقاق هذه التسميات ولكنهم اصطلحوا على معان ليتميز كل نوع عن صاحبه بمجرد النطق بتسميته فسموا كل ما علا قدره فى الشرع من المندوبات وأكد الشرع امره وحده وقدره واشاده وأشهره سنة كالعيدين والاستسقاء وسموا ما كان فى الطرف الاخر فى العكس من هذا نافلة وسموا ما توسط بين هذين الطرفين فضيلة هذا هو سر القوم فى اطلاق هذه التسميات وهى مما يكثر جريانها فى السنة أهل الشرع وقال ابن بشير وقد قيل فى الفرق بين السنن والفضائل والمستحبات ان كل ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مظهرا له فهو سنة بلا خلاف وما نبه عليه واجمله فى افعال الخير فهو مستحب وما واظب على فعله غير مظهر له ففيه قولان أحدهما تسميته سنة التفاتا الى المواظبة والثانى تسميته فضيلة التفاتا الى ترك أظهاره وهذا كركعتى الفجر قال بعضهم واسم المندوب يقع على الثلاثة .تم