قلنا فيما سبق أن الكمالات لهل ثلاث اصول وان هذة الاصول هى المبدأ والمعاد وما بينهما . والمراد بمعرفة المبدأ معرفة الله تعالى من حيث الوجود والصفات الكماليه اجمالا وتفصيلا لا يعتريها شك ولا ترديد والمراد بمعرفة المعاد معرفة النشأة الاخرة وما يتبعها من الجنة والنار والصراط والميزان ونحو ذلك والمراد بمعرفة ما بينهما معرفة ما يجب على الشخص فى حد ذاته من تهذيب نفسه بأنواع العبادات وما يجب عليه بالنسبة لاهل بيته كمراعاة حقوقهم الواجبة عليه لهم وما يجب عليه بالنسبة لبقية الخلق من مراعاة مصالحهم ومعاملتهم على وجه لايظلم ولا يظلم ولما كانت معرفة هذه الاصول الثلاثة على وجه حق لا يتأتى لكل احد استقلالا جاءت الشريعة الغراء مبينة لكل واحد منها على وجه لائق كاف فأحكامها المنوطة ببيان المبدأ والمعاد وتوابعهما كالذى يجب للرسل تسمى أحكاما أصلية واعتقادية ويبحث عنها فى علم التوحيد والاحكام الباحثة عما بين المبدأ والمعاد تسمى احكاما فرعية وعملية وتبين فى فن الفقه فقد بان من هذا ان أصول الكمالات انما تبين بأحكام الشريعة فلا جرم ان الناظر فى احكام الشريعة والعارف بها على وجه تفصيلى يلحظ لوائج نور الحقيقة من شاطئ الوادى المقدس من الشريعة ومن هذا نعلم ان معرفة الاحكام الشرعية هى الباب الذى يتوصل منه الى سرادقات الحقيقة التى غايتها التخلق بالاخلاق المصطفوية ظاهرا وباطنا اذا يجب علينا الاشتغال بالعلم الشريف فى اكثر الاوقات خصوصا وان الاشتغال به احسن اعمال الاشتغال والمذاكرة والمباحثة عنه خير بكثير من القيل والقال لانه وسيلة السعداء الى مقارنة الملآ الاعلى وجنة الخلد وملك لا يبلى من تمسك به فقد اهتدى ومن اعرض عنه فقد غوى قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا . ومن ضيع الاصول فقد حرم الوصول . قال ابن عمر اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدى فقال يا عبد الله كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل واعدد نفسك فى الموتى أيها الرجل ان كنت لاتدرى متى يفجاؤك الاجل فلا تغتر بطول الامل فانه يقسى القلب ويفسد العمل وقد عير الله أقواما مد لهم فى الاجل فقست منهم القلوب وطال منهم الامل فقال ألم يأن الذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون احسنت ظنك بالايام اذ حسنت ولم تخف سؤ ما يأتى به القدر وسالمتك الليالى فاغتررت بها وعند صفوا الليالى يحدث الكدر . أين ادم أين الاولون والاخرون اين نوح شيخ المرسلين أين ادريس وقيع رب العالمين أبن ابراهيم خليل الرحمن الرحيم أين موسى الكليم من بين سائر النبيين والمرسلين أين عيسى روح الله وكلمته رأس الزاهدين أن محمد خاتم النبيين أين اصحابه الابرار المنتخبون أين الامم الماضية اين الملوك السالفة أين القرون الخالية أين الذين نصبت على مفارقهم التيجان أين الذين اغتروا بالاجناد والسلطان أين الذين تاهوا على الخلائق كبرا وعتيا أين الذين راحوا فى الحلل بكرة وعشية أين الذين استلانوا الملابس أثاثا ورثياوكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا اين الذين ملئوا مابين الخافقين عزا أين الذين فرشوا القصور خزا وقزا أين الذين استذلوا العباد قهرا ولزا ( اللز هو التضييق ) هل تحس منهم من احد أو تسمع لهم ركزا أفناهم الله مفنى الامم وأبادهم وأخرجهم من سعة القصور واسكنهم القبور فأصبحوا لا ترى الا مساكنهم فسالت العيون على الخدود وتناثرت اللحوم فلم ينفعهم ما جمعوا ولا اغنى عنهم ما كسبوا . أسلمك الاحبة والالياء وهجرك الاخوان والاصفياء ونسيك القرباء والبعداء فأنسيت ولو نطقت لانشدت قولنا عن سكان الثرى مقيم بالحجون رهين رمس وأهلى راحون بكل واد كانى لم أكن لهم حبيبا ولا كانوا الا حبة فى السواد فعوجوا بالسلام فان ابيتم قاوموا بالسلام على بعاد فان طال المدا وصفا خليل سوانا فاذكروا صفو الوداد وذاك أقل مالك من حبيب وأخره الى يوم التناد فلو انا بموقفكم وقفنا سقينا الترب من مهج الفؤاد ..........يتبع بأذن الله تعالى