فى حكايات الصالحين ومافيها من رقائق والاعتماد على الخالق ( 3 )

( قيل ) ان ابا القاسم الجنيد رحمة الله عليه ذهب الى الحج هو وجماعة وفى الطريق أنقطع عنهم الماء أياما حتى أشرفوا على الهلاك وكانوا تحت جبل فقال لاحدهم خذ هذه الركوة وأصعد الى ذروة هذا الجبل فخذ لنا ترابا طيبا طاهرا حتى نتيمم به فقد حان وقت الصلاة فأخذ الرجل الرخوة وصعد الى الجبل فجعل يأخذ التراب ويجعله فى الركوة واذا بصوت يناديه فالتفت فاذا هو راهب فى دير يناديه ما تصنع بهذا التراب فقال نحن مسلمون اذا عدمنا الماء تيممنا بالتراب فقال عندى بئر عذب شراب خذ منها واشرب وتوضأ فقال نحن جماعة تحت الجبل فقال انزل اليهم واعرض ذلك عليهم فنزل الى الجنيد فأعلمه بذلك فقال اصعد اليه وقل له نحن فى سبعين مرقعة أتحملنا فصعد اليه وقال له ذلك فقال أحملهم ولو كانوا الفا اكراما لآمة محمد فانى أحبهم فنزل الرجل الى الجنيد وأخبره بقول الراهب فصعد هو الجماعة وفتح لهم الراهب باب الدير فوجدوا بئر منقورة وفيها ماء عذب طيب فاستقوا منها وشربوا وتوضؤه وصلوا فلما فرغوا قدم لهم الراهب صحفا على عددهم فيها انواع الطعام فأكلوا وقدم لهم الطست والابريق فغسلوا ايديهم وطيبهم بالماورد والمسك فلما استقروا سالهم هل فيكم من يقرأ شيئا على حسب الحال فامر الجنيد واحد من الجماعة فاستفتح وقرأ من القرأن أن الذين سبقت لهم منا الحسنى  أولئك عنها مبعدون فصرخ الراهب وقال اصطلحنا ورب الكعبة فلما اتم القارئ قراءته سألهم واقسم عليهم هل فيكم من يحسن ان يقول شيئا فأنى احب السماع فأشار الجنيد الى واحد من الجماعة فأنشد ( لبيك يا من فى القديم دعانى واليه باللطف الخفى هدانى ) فصرخ الراهب وقال لبيك يا سيدى لبيك وها أنت قد دعوتنى اليك وانا أشهد ان لا اله الا الله وأشهد ان محمد رسول وقطع الزنار وخلع ما كان عليه فألبسه الجنيد دلفه وفرح بأسلامه هو والجماعة وخلاص عتقة من النار ثم أخرج لهم الف دينار كانت مدخورة عنده ثم ترك الدير وما فيه وساح على وجهه هائما لا يدرون اين ذهب فلما وصلوا الى مكة شرفها اللله تعالى ودخلوا الحرم فطافوا واجتمعوا واذا شخص متعلق بأستار الكعبة وهو يقول سيدى بكشف حجابك لى حتى شهدتك وبأستدعائك لى حتى أجبتك فيا من عرفنى به فعرفته هب لى من الحجيج من لا قبلته فقال الجنيد لاحد جماعته  انظر من القائل لهذا الكلام فمضى اليه فوجده الراهب فقال له ياهذا اذهب الى الجنيد وأقرئه عنى السلام وقل له  اننى لما فتحت لكم المقام وبذلت لكم الطعام نادانى الملك العلام الى الاسلام حتى لبست ثياب الاحرام ودخلت البلد الحرام فعاد الرجل الى الجنيد واخبره بذلك فقام اليه الجنيد وضمه وقبله بين عينيه وقال له حبيبى كيف رأيت لذة الوصول اليه فقال ياسيدى لما هجرت الطلول وتبعت القفول هبت على نسمات القبول فشعرت انى بلغت للقصد والسول ثم صاح وكبر وسقط على الارض فحركناه فاذا به قد مات هذه والله الجذبات الربانية وهذه امارات الاخلاص فى الوحدانية .

المشاركات الشائعة