فى مناقب الامام الشافعى رضى الله عنه ( 4 )

وروى ان عبد القاهر ابن عبد العزيز كان رجلا صالحا ورعا وكان يسأل الشافعى عن مسائل فى الورع والشافعى يقبل عليه لورعه فقال للشافعى أيما أفضل الصبر أو المحنة او التمكن فقال الشافعى رضى الله عنه التمكن درجة الانبياء ولا يكون التمكن الا بعد المحنة فاذا امتحن وصبر مكن ألا ترى ان الله سبحانه وتعالى امتحن ابراهيم عليه السلام ثم مكنه وامتحن موسى عليه السلام ثم مكنه وامتحن ايوب عليه السلام ثم مكنه وامتحن سليمان عليه السلام ثم أتاه ملكا عظيما والتمكن أفضل الدرجات . وقال عبد الملك بن عبد الحميد الميمونى كنت عند احمد بن حنبل وجرى ذكر الشافعى فرأيت احمد يعظمه فقال بلغنى أو قال يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل يبعث لهذه الامة على راس كل مائة سنة رجل يقيم لها امر دينها فكان عمر بن عبد العزيز على راس المائة وارجو ان يكون الشافعى على رأ س المائة الاخرى . وقال هرون بن سعيد بن الهيثم الايلى  ما رأيت مثل الشافعى قط ولقد قدم الى مصر فقالوا قدم رجل من قريش فقيه فجئناه وهو يصلى فما رأينا احسن منه وجها ولا احسن صلاة فافتتنا به فلما قضى صلاته تكلم فما رأينا أحسن منطقا منه وكان يتكلم فى الحقيقة ايضا وفى الزهد وفى اسرار القلوب وكان يقول كيف يزهد فى الدنيا من لا يعرف قدر الاخرة وكيف يخلص من الدنيا من لا يخلو من الطمع الكاذب وكيف يسلم من لا يسلم الناس من لسانه ويده وكيف ينال الحكمة من لا يريد بقوله وجه الله عز وجل . وسأله بعض الناس عن الرياء فقال له انت اذا خفت على نفسك العجب فانظر رضا من تطلب وفى أى نعيم ترغب ومن أى عقاب ترهب وأى عافية تشكر وأى بلاء تذكر . ولآمام الشافعى رضى الله عنه نظم كثيرة تحتوى على الحكمة والمواعظ وسنذكر منها ما وصلنا اليه وصحح عنه رضى الله عنه فمن ذلك :

ما رواه سويد بن سعيد رحمه الله قال كان الشافعى جالسا بعد صلاة الصبح فى مدينة النبى صلى الله عليه وسلم أذ دخل عليه رجل فقال له انى خائف من ذنوبى أن أقدم على ربى وليس لى عمل غير التوحيد فقال الامام الشافعى رضى الله عنه يا مؤمن لو أراد الله عز وجل ان يؤيسك من المسامحة لديه لما أحالك فى مغفرة الذنوب عليه حيث يقول ومن يغفر الذنوب ألا الله ولو اراد عقوبتك فى جهنم وتخليدك لما ألهمك معرفتك به وتوحيدك فبكى الرجل واقبل على العبادة وفرح بكلامه اليه رضى الله عنه . وروى عبد الله بن مروان قال كنت أجلس فى حلقة العلم عند الامام الشافعى رضى الله عنه واكتب ما أفهمه منه فأتيته سحرا فوجدته فى المسجد وهو قائم يصلى فجلست حتى فرغ من صلاته ثم دعا بدعوات حفظتها منه فكان من جملة ذلك اللهم أمنن علينا بصفاء المعرفة, وهب لنا تصحيح المعاملة فيما بيننا وبينك على السنة , وارزقنا صدق التوكل عليك وحسن الظن بك , وامنن علينا بكل ما يقربنا اليك مقرونا بعوافى الدارين . برحمتك ياأرحم الراحمين . قال فلما فرغ من دعائه خرج من المسجد وخرجت خلفه فوقف ينظر الى السماء وينشد 

بأسمائك الحسنى التى بعض وصفها * لعزتها يستغرق النثر والنظما 

أذقنا شراب الانس يامن اذا سقى * محبا شرابا لايضام ولا يظما

يستكمل بمشيئة الله تعالى ........

المشاركات الشائعة