وفى الحديث أيضا الحث على الانفاق من الحلال والنهى عن الانفاق من غيره وان المأكول والمشروب والملبوس ونحوهما ينبغى ان يكون حلالا لا شبهة فيه وان مريد الدعاء أولى بالاعتناء بذلك من غيره قال وهب بن منبه بلغنى ان موسى عليه السلام مر برجل قائم يدعو ويتضرع طويلا وهو ينظر اليه فقال فقال موسى يارب اما اما استجبت لعبدك فأوحى الله تعالى اليه يا موسى انه لو بكى حتى تلفت نفسه ورفع يده حتى بلغ عنان السماء ما استجبت له قال يارب لم ذلك قال لان فى بطنه الحرام وعلى ظهره الحرام وفى بيته الحرام . ومر ابراهيم بن ادهم بسوق بسوق البصرة فاجتمع الناس اليه وقالوا له ياأبا اسحق ما لنا ندعوا ولا يستجاب لنا قال لان قلوبكم ماتت بعشرة اشياء الاول عرفتم الله فلم تؤدوا حقه والثانى زعمتم انكم تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته والثالث قرأتم القرأن فلم تعملوا به والرابع اكلتم نعم الله ولم تؤدوا شكرها والخامس قلتم ان الشيطان عدو لكم ووافقتموه ولم تخالفوه والسادس قلتم ان الجنة حق ولم تعملوا لها والسابع قلتم ان النار حق ولم تهربوا منها والثامن قلتم ان الموت حق ولم تستعدوا له والتاسع انتبهتم من النوم فانشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم العاشر دفنتم مواتاكم ولم تعتبروا بهم واعلموا اخوانى انه ورد فى السنة ان الدعاء وجه العبادة وان الداعى انما يدعوا عند انقطاع الامال عما سوى الله فهو حقيقة التوحيد والاخلاص وورد ايضا ان الدعاء سلاح الانبياء ونعم السلاح والاحاديث فى فضل الدعاء كثيرة شهيرة . ( تنبيه ) فى رسالة الامام ابى القاسم الشقيرى رضى الله عنه قال اختلف فى ان الافضل الدعاء او السكوت فمنهم من قال ان الدعاء عبادة لحديث الدعاء هو العبادة ولان الدعاء اظهار الافتقار الى الله تعالى وقالت طائفة السكوت والجمود تحت جريان الحكم أتم والرضا بما سبق به القدر اولى وقال قوم يكون صاحب دعاء بلسانه ورضا بقلبه ليأتى بالامرين جميعا . قال القشيرى والاولى ان يقال الاوقات مختلفة ففى بعض الاحوال الدعاء افضل من السكوت وهو الادب وفى بعض الاحوال السكوت افضل من الدعاء وهو الادب وانما يعرف ذلك بالوقت فاذا وجد فى قلبه اشارة الى الدعاء فالدعاء اولى واذا وجد اشارة الى السكوت فالسكوت أتم ويصح ان يقال ما كان للمسلمين فيه نصيب او لله سبحانه وتعالى فيه حق فالدعاء أولى لكونه عبادة وان كان لنفسك فيه حظا فالسكوت اتم واعلم ان من جملة القضاء مرد البلاء بالدعاء ..........تم
