قال أنس رضى الله عنه قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الا قال لا ايمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له وقد عظم الله تعالى أمر الامانة فقال أنا عرضنا الامانة أى التكاليف التى كلف الله بها عباده من أمتثال الاوامر واجتناب النواهى على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وأشقعن منها وحملها الانسان أى ادم عليه السلام أنه كان ظلوما أى لنفسه بقبوله تلك التكليفات الشاقة جدا جهولا أى بمشاقها التى لا تتناهى وليتامل قوله تعالى ان الله لا يهدى كيد الخائنين فانه شدد كيد من خان أمانته وقيل ان الله تعالى خلق الدنيا كالبستان وزينها بخمسة اشياء علم العلماء وعدل الامراء وعبادة الصلحاء ونصيحة المستشار وأداء الامانة فقرن أبليس مع العلم الكتمان ومع العدل الجور ومع العبادة الرياء ومع النصيحة الغش ومع الامانة الخيانة وفى الحديث اول مايرفع من الناس الامانة وأخر ما يبقى الصلاة ورب مصل ولا خير فيه وفيه اذا حدث أحدكم فلا يكذب واذا وعد فلا يخلف واذا أئتمن فلا يخن وفيه اضمنوا لى أشياء أضمن لكم الجنة أصدقوا اذا حدثتم وأوفوا اذا وعدتم وأدوا الامانة اذا ائتمنتم وفيه اكفلوا لى أشياء أكفل لكم الجنة الصلاة والزكاة والامانة والفرج والبطن واللسان وفيه ثلاث متعلقات بالعرش الرحم تقول اللهم انى بك فلا اقطع والامانة تقول اللهم أنى بك فلا أخان والنعمة تقول اللهم انى بك فلا أكفر وفيه يؤتى بالعبد يوم القيامة وان قتل فى سبيل الله فيقال له أد أمانتك فيقول أى رب كيف وقد ذهبت الدنيا فيقال انطلقوا به الى الهاوية وتمثل له الامانة كهيئتها يوم دفعت اليه فيراها فيعرفها فيهوى فى اثرها حتى يدركها فيحملها على منكبيه حتى اذا ظن انه خارج زالت عن منكبيه فهو يهوى فى اثرها ابدا الابدين ثم قال الصلاة الامانة والوضؤ امانة والوزن أمانة والكيل امانة وعج اشياء وأشد ذلك الودائع وقال صلى الله عليه وسلم أد الامانة الى من أئتمنك ولا تخن من خانك أى لا تقابله بخيانته اللهم وفقنا جميعا أمين .