تابع سورة البقرة ( فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا )

( فى قلوبهمم مرض فزادهم الله مرضا ) المرض حقيقه فيما يعرض للبدن فيخرجه من الاعتدال الخاص به ويوجب الخلل فى أفعاله ومجاز فى الاعراض النفسانيه التى تخل بكمالها كالجهل وسؤ العقيدة والحسد والضغينه وحب المعاصى لانها مانعه من نيل الفضائل ومؤديه الى زوال الحياة الحقيقيه الابديه والايه الكريمه تحتملها فان قلوبهم كانت متألمه تحرقا على مافات عنهم من الرئاسه وحسدا على ما يرون من ثبات امر الرسول صلى الله عليه وسلم واستعلاء شانه يوما فيوما وزاد الله غمهم بما زاد فى استعلاء امره واشادة ذكره فزاد الله سبحانه وتعالى ذلك بلطبع او باذدياد التكاليف وتكرير الوحى وتضاعف النصر وكان اسناد الزياده الى الله تعالى من حيث انه مسبب من فعله واسنادها الى السورة فى قوله تعالى فزادتهم رجسا لكونها سببا ويحتمل ان يراد بالمرض ما بداخل قلوبهم من الجبن حين شاهدوا شوكة المسلمين وامداد الله تعالى لهم بلملائكه وقذف الرعب فى قلوبهم وبزيادته تضعيفه بما زاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصرة على الاعداء وتبسطا فى البلاد ( ولهم عذاب أليم ) اى مؤلم ( بما كانوا يكذبون ) بسبب كذبهم لانهم كانوا يكذبون الرسول عليه الصلاة والسلام بقلوبهم والكذب هو الخبر عن الشئ على خلاف ما هو به وهو حرام كله لانه علل به استحقاق العذاب حيث رتب عليه وما روى ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام كذب ثلاث كذبات فالمراد التعريض ولكن لما شابه الكذب فى صورته سمى به ( واذا قيل لهم لاتفسدوا فى الارض ) القائل هو الله تعالى او الرسول او بعض المؤمنين والفساد خروج الشئ عن الاعتدال والصلاح ضده وكلاهما يعمان كل ضار ونافع وكان من فسادهم فى الارض تهيج الحروب والفتن بمخادعة المسلمين وممالاة الكفار عليهم بأفشاء الاسرار اليهم فأن ذلك يؤدى الى فساد ما فى الارض من الناس والدواب والحرث ومنه أظهار المعاصى والاهانه بلدين فأن الاخلال بلشرائع والاعراض عنها مما يوجب الهرج والمرج ويخل بنظام العالم ( قالوا أنما نحن مصلحون ) والمعنى انه لايصح مخاطبتنا بذلك فان شأننا ليس الا الاصلاح وان حالنا متمحضه عن شوائب الفساد وانما قالوا ذلك لانهم تصوروا الفساد بصورة الصلاح لما فى قلوبهم من المرض كما قال تعالى أفمن زين له سؤ عمله فراه حسنا ( ألا انهم هم المفسدون ولكن لايشعرون ) ردا لما ادعوه ( وأذا قيل لهم أمنوا ) من تمام النصح والارشاد فان كمال الايمان بمجموع الامرين الاعراض عما لاينبغى وهمو المقصود بقوله لاتفسدوا والاتيان بما ينبغى وهو المطلوب بقوله أمنوا ( كما أمن الناس ) المراد به الكاملون فى الانسانيه والمعنى امنوا أيمانا مقرونا بلاخلاص متمحضا عن شوائب النفاق ( قالوا أنؤمن كما امن السفهاء ) وانما سفهوهم لاعتقادهم فساد رأى من أمن أو لتحقير شانهم فأن أكثر المؤمنين كانوا فقراء أو للتجلد وعدم المبالاة بمن أمن منهم والسفه خفه وسخافة رأى يقتضيها نقصان العقل والحلم يقابله ( ألا أنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ) رد ومبالغه فى تجهليهم فان الجاهل بجهله الجازم على خلاف ما هو الواقع اعظم ضلاله واتم حهاله من المتوقف المعترف بجهله فانه ربما يعذر وتنفعه الايات والنذر وانما فصلت الايه بلا يعلمون والتى قبلها بلا يشعرون لانه اكثر طباقا لذكر السفه ولان الوقوف على أمر الدين والتمييز بين الحق والباطل مما يفتقر الى نظر وتفكر واما النفاق وما فيه من الفتن والفساد فانما يدرك بأدنى تفطن وتأمل فيما يشاهد من أقوالهم وأفعالهم ( وأذا لقوا الذين أمنوا قالوا أمنا ) بيان لمعاملتهم مع المؤمنين والكفار روى ان ابن ابى سلول واصحابه استقبلهم نفر من الصحابه فقال  لقومه انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم فأخذ بيد أبى بكر رضى ألله عنه وقال مرحبا بالصديق سيد بنى تميم وشيخ الاسلام وثانى رسول ألله فى الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بيد عمر رضى ألله عنه فقال مرحبا بسيد بنى عدى الفاروق القوى فى دينه الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بيد على رضى الله عنه فقال مرحبا بأبن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه أى زوج أبنته سيد بنى هاشم ما خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم واللقاء المصادفه يقال لقيته اذا صادفته ( واذا خلوا ألى شياطينهم ) والمراد بشياطينهم الذين ماثلوا الشيطان فى تمردهم وهم المظهرون كفرهم او كبار المنافقين ............يتبع  

المشاركات الشائعة