( لعلكم تتقون ) حال من الضمير فى أعبدوا كأنه قال أعبدوا ربكم راجين أن تنخرطوا فى سلك المتقين الفائزين بلهدى والفلاح المستوحبين لجوار ألله تعالى نبه به على أن التقوى منتهى درجات السالكين وهو التبرئ عن كل شئ سوى ألله تعالى الى ألله وأن العابد ينبغى أن لايغتر بعبادته ويكون ذا خوف ورجاء كما قال تعالى يدعون ربهم خوفا وطمعا يرجون رحمته ويخافون عذابه والايه تدل على أن الطريق الى معرفة ألله تعالى والعلم بواحدنيته واستحقاقه للعبادة والنظر فى صنعه والاستدلال بأفعاله وأن ألعبد لايستحق بعبادته عليه ثوابا فأنها لما وجبت عليه شكرا لما عدده عليه من النعم السابقه فهو كأجير أخذ الاجره قبل العمل . ( ألذى جعل لكم ألارض فراشا ) ان جعل بعض جوانبها بارزا عن الماء مع ما فى طبعه من ألاحاطه بها وصيرها متوسطه بين الصلابه وأللطافه حتى صارت مهياه لان يقعدوا ويناموا عليها كلفراش المبسوط وذلك لايستدعى كونها مسطحه لان كورية شكلها مع عظم حجمها وأتساع جرمه لاتأبى ألافتراش عليها . ( والسماء بناء ) قبه مضروبه عليكم والسماء أسم جنس يقع على ألواحد والمتعدد ( وأنزل من ألسماء ماء فأخرج به من ألثمرات رزقا لكم ) وخروج ألثمار بقدرة ألله تعالى ومشيئته ولكن جعل الماء الممزوج بلتراب سببا فى أخراجها ومادة لها كالنطفه للحيوان بأن أجرى عادته بأضافات صورها وهو قادر على ان يوجد ألاشياء كلها بلا أسباب ومواد كما أبدع نفوس ألاسباب والمواد ولكن له فى أنشائها مدرجا من حال الى حال صنعا وحكما يجدد فيها لاولى الابصار عبرا وسكونا الى عظيم قدرته ليس فى أيجادها دفعه ( فلا تجعلوا لله أندادا ) والمعنى أن أتقوا فلا تجعلوا لله أندادا لان من حقكم بهذه النعم الجسام وألايات ألعظام ينبغى ان لا يشرك به ( وأنتم تعلمون ) أى وحالكم أنكم من أهل ألعلم وألنظر وأصابة ألرأى فلو تأملتم أدنى تأمل اضطر عقلكم ألى أثبات موجد للمكنات منفرد بوجوب الذات متعال عن مشابهة المخلوقات وهو أنها لاتماثله ولا تقدر على مثل ما يفعله وعلى هذا وعلى هذا فالمقصود منه التوبيخ والتثريب لا تقييد الحكم وقصره عليه فأن العالم والجاهل المتمكن من العلم سواء فى التكليف واعلم أن مضمون الايتين هو المر بعبادة ألله والنهى عن ألاشراك به تعالى وألاشاره الى ما هو العله والمقتضى وبيانه أنه رتب ألامر بالعباده على صفة الربوبيه أشعارا بأنها العله لوجوبها ثم بين ربوبيته بأنه تعالى خالقهم وخالق أصولهم وما يحتاجون أليه من المقله والمظله والمطاعم والملابس فأن الثمره أعم من المطعوم والرزق أعم من المأكول والمشروب ثم لما كانت هذه الامور التى لايقدر عليه غيره شاهدة على واحدانيته تعالى رتب عليها ألنهى عن الاشراك به ولعله سبحانه أراد من ألايه ألاخيرة مع ما دل عليه الظاهر وسبق فيه الكلام الاشاره ألى تفصيل خلق ألانسان وما افاض نعالى عليه من المعانى والصفات على طريقة التمثيل فمثل ألبدن باألارض وأنفس باالسماء والعقل بالماء وماأفاض تعالى عليه من الفضائل العلميه والنظريه المحصله بواسطة أستعمال العقل للحواس وازدواج القوى النفسانيه والبدنيه بالثمرات المتولده من أزدوج القوى السماويه الفاعله والارضيه المنفعله بقدرة الفاعل المختار فأن لكل أيه ظهرا وبطنا ولكل حد مطلعا. ( وان كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة ) .........يتبع