تبكيت لهم وتنبيه على عجزهم عن أمر ألخلافه ( أن كنتم صادقين ) فى زعمكم أنكم أحقاء بالخلافه لعصمتكم ( قالوا سبحانك لا علم لنا ألا ما علمتنا ) أعتراف بلعجز وألقصور وأشعار بان سؤالهم كان أستفسار ولم يكن أعتراضا وأنه قد بان لهم ما خفى عليهم من فضل ألانسان وألحكمه فى خلقه وتصدير ألكلام به أعتذار عن ألاستفسار وألجهل بحقيقة ألحال ولذلك جعل مفتاح التوبه فقال موسى عليه ألسلام سبحانك تبت أليك وقال يونس سبحانك أنى كنت من ألظالمين ( أنك أنت ألعليم ) ألذى لايخفى عليه خافيه ( ألحكيم ) المحكم لمبدعاته ألذى لا يفعل ألا ما فيه حكمه بالغه ( قال ياادم أنبئهم بأسمائهم ) أى اعلمهم ( فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أنى أعلم غيب ألسموات والارض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) استحضار لقوله أعلم مالا تعلمون وفيه تعريض بمعاتبتهم على ترك ألاولى وهو أن يتوقفوا مترصدين لآن يبين لهم . واعلم أن هذه ألايات تدل على شرف ألانسان ومزية ألعلم وفضله على ألعباده وانه شرط فى الخلافه بل ألعمدة فيها وان ألتعليم يصح أسناده ألى ألله تعالى وان لم يصح أطلاق ألمعلم عليه لاختصاصه بمن يحترف وان مفهوم الحكمه زائد على مفهوم العلم والا لتكرر قوله أنك أنت العليم ألحكيم وأن علوم ألملائكه وكمالاتهم تقبل ألزياده وأن أدم أفضل من هؤلاء الملائكه لانه أعلم منهم وألاعلم أفضل لقوله تعالى هل يستوى ألذين يعلمون وألذين لا يعلمون وانه تعالى يعلم الاشياء قبل حدوثها ( واذ قلنا للملائكه أسجدوا لآدم ) لما أنبأهم باسمائهم وعلمهم ما لم يعلموا أمرهم بالسجود له أعترافا بفضله وأداء لحقه وأعتذار عما قالوا فيه ( فسجدوا ألا أبليس أبى وأستكبر ) أمتنع عن ما أمر به أستكبارا من أن يتخذه وصله فى عبادة ربه أو يعظمه ويتلقاه بالتحيه والاباء أمتناع بأختيار وألتكبر أن يرى ألشخص نفسه أفضل من غيره وألاستكبار طلب ذلك بالتشبع ( وكان من الكافرين ) اى فى علم ألله او صار منهم بأستقباحه أمر ألله تعالى اياه بالسجود لآدم أعتقادا بأنه أفضل منه وألافضل لايحسن أن يؤمر بالتخاضع للمفضول وألتوسل به كما أشعر به قوله أنا خير منه جوابا لقوله ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى أستكبرت ام كنت من العالين لابترك الواجب وحده وألايه تدل على أن أدم أفضل من ألملائكه ألمامورين بالسجود له ولو من وجه وأن أبليس كان من ألملائكه والا لم يتناوله امرهم ولم يصح أستثنأوه منهم ولا يرد على ذلك قوله تعالى ألا ابليس كان من ألجن لجواز أن يقال أنه كان من ألجن فعلا " أى فعله فعل ألجن " منه ومن ألملائكه نوعا ؛ اى وأن كان من نوع ألملائكه " ولان أبن عباس روى ان من ألملائكه حزبا يتوالدون يقال لهم ألجن ومنهم أبليس ولمن زعم انه لم يكن من الملائكه ان يقول انه جنيا نشأ بين أظهر ألملائكه وكان مغمورا بالالوف منهم فغلبوا عليه أو ألجن أيضا كانوا مأمورين مع ألملائكه لكنه أستغنى بذكر ألملائكه عن ذكرهم فأنه اذا علم أن ألاكابر مأمورون بالتذلل لآحد وألتوسل به علم أن ألاصاغر ايضا مامورون به والضمير فى فسجدوا راجع الى ألقبيلين فكأنه قال فسجد ألمأمورون بالسجود ألا أبليس وأن من ألملائكه من ليس بمعصوم وأن كان ألغالب فيهم العصمه كما أن من ألانس معصومون والغالب فيهم عدم ألعصمه ولعل حزبا من الملائكه لايخالف ألشياطين بالذات وأنما يخالفهم بالعوراض وألصفات كالبررة والفسقة من ألانس وألجن يشملهما وكان أبليس من هذا ألصنف كما قال أبن عباس ولذلك صح عليه ألتغير عن حاله وألهبوط من محله كما اشار أليه بقوله عز وعلا ألا ابليس كان من اجن ففسق عن امر ربه لايقال كيف يصحح ذلك وألملائكه خلقت من نور وألجن من نار لما روت عائشه رضى ألله عنها انه عليه ألسلام قال خلقت ألملائكه من ألنور وخلق الجن من مارج من نار لانه كالتمثيل لما ذكرت فأن المراد بالنور ألجوهر ألمضئ وألنار كذلك غير أن ضوئها مكدر مغمور بالدخان محذور عنه بسبب ما يصحبه من فرط الحراره وألاحراق فأذا صارت مهذبه مصفاه كانت محض نور ومتى نكصت أى تأخرت عادت الحاله الاولى جدعه أى قويه ولاتزال تتزايد حتى ينطفئ نورها ويبقى ألدخان ألصرف زهذا أشبه بالصواب واوفق للجمع بين ألنصوص والعلم عند الله تعالى . ومن فوائد الايه استقباح ألاستكبار وانه قد يفضى بصاحبه ألى الكفر. والحث على الآتمار لآمره وترك ألخوض فى سره ( وقلنا يأدم أسكن أنت وزوجك ألجنه ) ......يتبع