ألسكنى من ألسكون لانها أستقرار ولبث وألجنه دار ألثواب (وكلا منها رغدا ) واسعا ورافها ( حيث شئتما ) أى مكان من ألجنه شئتما ( ولا تقربا هذه ألشجرة فتكونا من ألظالمين ) تنبيها على ان ألقرب من ألشئ يورث داعيه وميلا يأخذ بمجامع ألقلب ويليهه عما هو مقتضى ألعقل وألشرع كما روى حبك للشئ يعمى ويصم فينبغى أن لا يحوما حول ما حرم ألله عليهما مخافة ان يقعا فيه وجعله سببا لان يكونا من ألظالمين ألذين ظلموا أنفسهم بأرتكاب ألمعاصى او ينقص حظهما بالاتيان بما يخل بالكرامه وألنعيم وألشجره هى ألحنطه أو ألكرامه ( فازلهما ألشيطان عنها ) أى اذهبهما عن ألجنه وأزلاله قوله هل أدلك على شجرة ألخلد وملك لا يبلى وأختلف فى أنه تمثل لهما وانه كيف توسل ألى ازلالهما بعد ما قيل له اخرج منها فانك رجيم فقيل أنه منع من ألدخول على جهة التكرمه كما كان يدخل مع ألملائكه ولم يمنع أن يدخل للوسوسه أبتلاء لآدم وحواء وقيل قام عند ألباب فناداهما وقيل غير ذلك وألعلم عند الله تعالى ( فاخرجهما مما كانا فيه ) اى من ألكرامه وألنعيم ( وقلنا أهبطوا ) خطاب لآدم وحواء لقوله تعالى قال أهبطا منها جميعا وجمع ألضمير لانهما أصلا ألانس فكأنهما ألانس كلهما أو هما وابليس أخرج منها ثانيا بعد ما كان يدخلها للوسوسه ( بعضكم لبعض عدو ) وألمعنى متعادين يبغى بعضكم على بعض بتضليله ( ولكم فى ألارض مستقر ) موضع استقرار ( ومتاع ) اى تمتع ( الى حين ) يريد به وقت ألموت والقيامه ( فتلقى أدم من ربه كلمات ) أستقبلها بالآخذ والقبول وألعمل بها حين علمها وعن أبن غباس رضى ألله تعالى عنهما قال يارب ألم تخلقنى بيدك قال بلى قال يارب أتنفخ فى ألروح من روحك قال بلى قال الم تسكنى جنتك قال بلى قال يارب أن تبت وأصلحت أراجعى أنت الى الجنه قال نعم ( فتاب عليه ) رجع عليه بالرحمه وقبول ألتوبه وألتوبه هى ألاعتراف بالذنب وألندم عليه وألعزم على أن لايعود أليه وأكتفى بذكر ادم لان حواء كانت تبعا له فى الحكم ولذلك طوى ذكر ألنساء فى أكثر ألقران وألسنن ( أنه هو ألتواب ) ألرجاع على عباده بالمغفره أو ألذى يكثر أعانتهم على ألتوبه وأصل ألتوبه ألرجوع فأذا وصف بها ألعبد كان رجوعا عن المعصيه وأذا وصف بها البارى تعالى اريد بها ألرجوع عن ألعقوبه ألى ألمغفره ( ألرحيم ) ألمبالغ فى ألرحمه ( قلنا أهبطوا منها جميعا ) وقيل ألاول من ألجنه ألى سماء ألدنيا والثانى منها ألى ألارض ( فأما يتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) وألمعنى أن ياتينكم منى هدى بأنزال أو أرسال فمن أتبعه منكم نجا وفاز ( وألذين كفروا وكذبوا باياتنا أولئك أصحاب ألنار هم فيها خالدون ) ألمراد بأياتنا الايات ألمنزله أو ما يعمها وقالت ألحشويه أن ادم صلوات ألله عليه كان نبيا وكيف يرتكب المنهى عنه وألمرتكب له عاص وهذا يطعن فى عصمة ألانبياء عليهم ألصلاة والسلام وألجواب من وجوه ألاول أنه لم يكن نبيا حينئذ وألمدعى مطالب بالبيان والثانى ان ألنهى وأنما سمى ظالما وخاسرا لآنه ظلم نفسه وخسر جظه بترك ألاولى وأنما أمر بالتوبه تلافيا لما فات عنه وجرى عليه ما جرى معاتبا له على ترك ألاولى أو انه فعلها ناسيا لقوله تعالى فنسى ولم نجد له عزما ولكنه عوتب بترك ألتحفظ عن أسباب ألنسيان ولعله وان حط عن ألامه لم يحط عن ألانبياء لعظم قدرهم كما قال عليه ألصلاة وألسلام أشد ألناس بلاء ألانبياء ثم ألاولياء ثم الامثل فالامثل او أنه عليه ألسلام أقدم عليه بسبب أجتهاد أخطأ فيه فأنه ظن أن النهى للتنزيه أو ألاشاره ألى عين تلك الشجره فتناول من غيرها من نوعها وكان المراد بها ألاشاره ألى ألنوع وأنما جرى عليه ما جرى تفظيعا لشان ألخطيئه ليجتنبها أولاده وفيها دلاله على ان ألجنه مخلوقه وانها فى جهه عاليه وألتوبه مقبوله وأن متبع ألهدى مأمون ألعافيه وأن عذاب ألنار دائم وألكافر فيه مخلد وان غيره لايخلد فيه لمفهوم قوله تعالى هم فيها خالدون وأعلم أنه سبحانه وتعالى لما ذكر دلائل ألتوحيد وألنبوه وألمعاد وعقبها تعداد النعم ألعامه تقريرا لها وتأكيد فأنها من حيث أنها حوادث محكمه تدل على محدث حكيم له ألخلق والامر وحده لا شريك له ومن حيث أن الاخبار بها على ما هو مثبت فى الكتب السابقه ممن لم يتعلمها ولم يمارس شيئا منها أخبار بالغيب معجز يدل على نبوة ألمخبر عنها ومن حيث أشتمالها على خلق الانسان وأصوله وما هو أظم من ذلك تدل على أنه قادر على الاعادة كما كان قادرا على ألابداء خاطب أهل ألعلم والكتاب منهم وأمرهم ان يذكروا نعم ألله تعالى عليهم ويوفوا بعهوده فى أتباع ألحق وأقتفاء الحجج ليكونوا اول من أمن بمحمد صلى ألله عليه وسلم وما أنزل عليه فقال ( يابنى اسرائيل ) أى أولاد يعقوب ( أذكروا نعمتى ألتى أنعمت عليكم ) ...........يتبع