ثم انه لما ذكر الحقيق بالحمد ووصف بصفات عظام تميز بها عن سائر الذوات تعلق العلم بمعلوم معين فخوطب بذلك أى بامن هذا شأنه نخصك بلعبادة والاستعانه اللهم اجعلنا من الواصلين الى العين دون السامعين للاثر والعبادة اقصى غاية الخضوع والتذللولذلك لاتستعمل الا فى الخضوع لله تعالى والاستعانه طلب المعونه فى المهمات كلها او فى اداء العبادات ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنه نعبدك ولا نعبد غيرك ويعلم منه ان تقديم الوسيله على طلب الحاجه ادعى الى الاجابه واقول لما نسب المتكلم العبادة الى نفسه او هم ذلك تبجحا واعتدادا منه بما يصدر عنه فعقبه بقوله واياك نستعين ليدل على ان العبادة ايضا مما لا يتم ولا يستتب الا بمعونة منه وتوفيق وقيل الواو للحال والمعنى لعبدك مستعينين بك وفيه التنبيه على ان العابد ينبغى ان يكون نظره الى المعبود اولا ومنه الى العبادة لا من حيث انها عبادة صدرت منه بل من حيث انها نسبة شريفه ووصله سنيه بينه وبين الحق فان العارف انما يحق وصوله اذا استغرق فى ملاحظة جناب القدس وغاب عما عداه حتى انه لا يلاحظ نفسه ولا حالا من احوالها ألا من حيث انها ملاحظه له ومنتسبه ولذلك فضل ما حكى الله عن حبيبه حيث قال لاتحزن ان الله معنا على ما حكاه عن كليمه حيث قال ان معى ربى سيهدين وانما قال اياك نعبد واياك نستعين ليرد على الجبريه بقوله نعبد فانه اثبت للمخلوق فعلا ويرد على المعتزله باياك نستعين فانه نفى عنهم الفعل والقدرة عليه وحينئذا العقيدة السليمه هى ان الانسان ليس مجبورا مطلقا ولا مختارا مطلقا بل له كسب يترتب عليه الثواب والعقاب . (اهدنا الصراط المستقيم ) بيان للمعونه المطلوبه فكانه قال كيف اعينكم فقالوا اهدنا والهدايه دلاله بلطف ولذلك تستعمل فى الخير وقوله تعالى فاهدوهم الى صراط الجحيم وارد على التهكم اى السخريه وهداية الله تعالى تتنوع انواعا لايحصيها عد كما قال تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ولكنها تنحصر فى اجناس مترتبه الاول افادة القوى التى بها يتمكن المرء من الاهتداء الى مصالحه كالقوة العقليه والحواس الباطنيه اى كا لعقل والمشاعر والظاهرة كالسمع والبصر والثانى نصب الدلائل الفارقه بين الحق والباطل والصلاح والفساد واليه اشار حيث قال وهديناه النجدين اى ثدىى امه له وقال فهديناهمم فاستحبوا العمى على الهدىوالثالث الهدايه بارسال الرسل وانزال الكتب واياها عنى بقوله وحعلناهم أئمه يهدون بامرنا وقوله ان هذا القران يهدى للتى هى أقوم اى أحسن والرابع ان يكشف على قلوبهم السرائر ويريهم الاشياء كما هى بلوحى او الالهام والمنامات الصادقه وهذا قسم يختص بنيله الانبياء والاولياء واياه عنى بقوله اولئك الذين هدى الله فهداهم افئدة وقوله والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبيلنا فالمطلوب اما زيادة ما منحوه من الهدى او الثبات عليه او حصول المراتب المرتبه عليه فاذا قاله العارف بالله الواصل عنى به ارشدنا طريق السير فيك لتمحو عنا ظلمات احوالنا وعبط غواشى ابداننا لنستضئ بنور قدمك فنراك بنورك . والمراد بلصراط طريق الحق وقيل هو ملة الاسلام . (صراط الذين انعمت عليهم) ............يتبع