أى فمن اختار الكفر بالشيطان أو الاصنام ( ويؤمن بالله ) أى بالتوحيد وتصديق الرسل ( فقد استمسك بالعروة ألوثقى ) أى تمسك وأعتصم بالعقد الوثيق المحكم فى الدين ( لا انفصام ) أى لا انقطاع ( لها ) قال التفتازانى شبه التدين بالدين الحق والثبات على الهدى والايمان بالتمسك بالعروة الوثقى المأخوذة من الحبل المحكم المأمون تقطعها ثم ذكر المشبه به واراد المشبه . وقال الزمخشرى وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصوره السامع كأنه ينظر اليه بعينه فيحكم اعتقاده والتيقن به . وقيل العروة الوثقى السبب الذى يتوصل به الى رضاء الله تعالى ( والله سميع ) لما يقال ( عليهم ) بالنيات والافعال وقيل سميع لدعائك أياهم الى الاسلام عليم بحرصك على ايمانهم ( الله ولى ) اى ناصر ومعين ( الذين أمنوا يخرجهم من الظلمات ) الكفر ( الى النور ) الايمان ( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ) أى الشيطان وقيل سائر رؤس الضلاله ( يخرجونهم ) أى يدعونهم ( من النور ) الذى منحوه بالفطرة ( الى الظلمات ) أى الكفر ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) وهذا وعيد وتحذير ولما كان النمروذ المحاجج للخليل ممن اخرجته الشياطين من النور الى الظلمات فقد ذكره عقب ذلك فقال ( ألم تر الى الذى حاج ) جادل ( ابراهيم فى ربه ) وهو أول من وضع التاج على رأسه وتجبر فى الارض وأدعى الربوبية ( أن ) أى لان ( أتاه الله الملك ) أى وقت أن اتاه الله الملك وهو نمروذ فطغى والمعنى أبطره ايتاء الملك وحمله على المحاجه قال مجاهد : ملك الارض مشرقها ومغربها أربعة نفر مؤمنان وكافران أما المؤمنان فسليمان عليه السلام وذو القرنين وأما الكافران فنمروذ بن كنعان و بختنصر لم يملكها غيرهم وفى الاية دليل على ان الله تعالى يعطى الكافر الملك وفى ذلك حجة على من منع ايتاء الملك للكافر من المعتزلة ( اذ قال ايراهيم ربى الذى يحيى ويميت ) أى يخلق الموت والحياة فى الاجساد وهذا جواب سؤال غير مذكور تقديره قال له نمروذ من ربك فقال له ابراهيم و ذلك ماقيل ووقت هذه المناظرة لما كسر ابراهيم الاصنام فسجنه نمروذ ثم أخرجه ليحرقه بالنار فقال له من ربك الذى تدعونا اليه فكان جواب ابراهيم ربى الذى يحيى ويميت ( قال ) نمروذ ( أنا أحيى وأميت ) بالقتل والعفو عنه ودعا برجلين فقتل احدهما وترك الاخر . فلما رأه غبيا ( قال ابراهيم ) منتقلا الى حجة اوضح ( فان الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها ) أنت ( من المغرب فبهت الذى كفر ) تحير ودهش ( والله لا يهدى القوم الظالمين ) بالكفر الى محجة الاحتجاج أو سبيل النجاة أو طريق الجنة يوم القيامة ( أو كالذى مر على قرية ) صدق الله العظيم .......يتبع بأذن الله تعالى