أى الذين ينفقون طلبا لرضا الله عليهم وهذا تثبيتا بالنظر فى اصلاح العمل واخلاصه بالحمل على الحلم والصبر على جميع مشاق التكاليف فان من راض نفسه بحملها على بذل المال الذى هو شقيق الروح فان بذله اشق شئ على النفس لان النفس اذا رضيت بالتحامل عليها وتكليفها بما يصعب عليها ذلت خاضعه لصاحبها وقل طمعها فى اتباعه لشهواتها فيسهل عليه حملها على سائر العبادات ومتى تركها وهى مطبوعة على النقائص زاد طمعها فى اتباع الشهوات وقوله تعالى من انفسهم أى من اصل انفسهم تصديقا للاسلام وتحقبقا للثواب عليه لانه اذا انفق المسلم ماله فى سبيل الله تعالى علم ان تصديقه وايمانه بالثواب من أصل نفسه ومن اخلاص قلبه بخلاف المنافقين الذين لايرجونه لانكارهم له فمن على هذا لابتداء الغاية كقوله تعالى حسدا من عند انفسهم ( كمثل جنة ) بستان ( بربوة ) مكان مرتفع مستو وأنما جعلها بربوة لان النبات عليها احسن ( أصابها وابل ) أى مطر شديد كثير ( فأتت ) أى أعطت ( أكلها ) ثمرتها ( ضعفين ) مثلى ما يثمر غيرها من الثمار بسبب الوابل وقال ابو حيان يحتمل انها للتكثير أى ضعفا بعد ضعف اى أضعافا كثيرة لان النفقة لا تضاعف بحسنة فقط بل بعشر وسبعمائة وازيد ( فان لم يصبها وابل فطل ) اى مطر خفيف يصيبها ويكفسها والمعنى تثمر وتزكو كثر المطر أو قل فكذلك نفقات من ذكر تزكوا عند الله كثرت او قلت ( والله بما تعملون بصير ) فيجازيكم به ففيه وعد ووعيد أى ترغيب فى الاخلاص وتحذير من الرياء ( أيود أحدكم ) أيحب حبا شديدا ( أن تكون له جنة ) اى بستان ( من نخيل وأعناب تجرى من تحتها الانهار له فيها ) ثمر ( من كل الثمرات و ) قد ( أصابه الكبر ) فضعف من الكبر عن الكسب ( وله ذرية ضعفاء ) اولاد صغار لاقدرة لهم على الكسب ( فأصابها ) أى الجنة ( اعصار ) ريح شديدة ( فيه نار فأحترقت ) تلك الجنة والمعنى تمثيل حال من يفعل الافعال الحسنة كالصلاة والصيام وصرف المال على الاهل والارامل والايتام ويضم اليعا ما يحبطها كرياء وأيذاء فى الحسرة والاسف اذا كان يوم القيامة واشتد حاجته اليها ووجدها محبطة بحال من هذا شأنه اى احوج ما يكون اليها وضعف عن اصلاحها لكبره وضعفت اولاده عن اصلاحها لصغرهم ولم يجد ماهو يعود به على اولاده ولا اولاده وجدوا ما يعودون به عليه فبقوا جميعا متحيرين عجزة لا حيلة لهم كذلك يبطل الله تعالى عمل المنافق والمرائى فى الاخرة حيث لا مغيث لهما ولا توبة وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما هو مثل ضرب لرجل عمل بالطاعات ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصى حتى أحرق اعماله ( كذلك ) كما بين ما ذكر ( يبين الله لكم الايات لعلكم ) أى لكى ( تتفكرون ) فيها فتعتبرون بها ( يا أيها ألذين أمنوا انفقوا ) صدق الله العظيم .........يتبع بأذن الله تعالى