أى يعمون الاوقات والاحوال بالصدقة لحرصهم على الخير ( فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ألذين ياكلون الربا ) أى ياخذون الربا وهو الزيادة فى المعاملة بالنقود والمطعومات فى القدر اوالاجل وقال صلى الله عليه وسلم لعن الله أكل الربا ومؤكله وشاهده وكاتبه والمحلل له ( لا يقومون ) اذا بعثوا من قبورهم ( الا ) أى قياما ( كما يقوم الذى يتخبطه ) أى يصرعه ( الشيطان من المس ) أى الجنون والمعنى ان أكل الربا يبعث يوم القيامة وهو كالمصروع تلك سيماه يعرف بها عند اهل الموقف ( ذلك ) أى الذى نزل بهم ( بأنهم ) اى بسبب أنهم ( قالوا انما البيع مثل الربا ) فى الجواز فقال تعالى ردا عليهم ( وأحل الله البيع وحرم ألربا فمن جاء ) بلغه ( موعظة ) وعظ ( من ربه فانتهى ) أى فأتبع النهى وامتنع من أكله ( فله ما سلف ) أى مامضى قبل النهى فلا يسترد منه ماأخذه من ألربا وقيل ما مضى من ذنبه قبل النهى مغفور له ( وأمره الى الله ) فيما يأمره وينهاه ويحل له ويحرم عليه وليس له من أمر نفسه شئ ( ومن عاد ) الى تحليل الربا مشبها له بالبيع فى الحل ( فأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ) لانهم كفروا بذلك وورد انه صلى الله عليه وسلم لعن أكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور وانه صلى الله عليه وسلم قال الربا سبعون بابا أهونها عند الله عز وجل كالذى ينكح أمه ( يمحق الله الربا ) ينقصه ويذهب بركته ( ويربى الصدقات ) يضاعف ثوابها ويبارك فيما اخرجت منه روى الامام احمد ما نقص مال من صدقة ( والله لا يحب كل كفار ) أى مصر على تحليل المحرمات كمن يحلل الربا ( أثيم ) منهمك فى ارتكابه ( ان الذين أمنوا ) بالله وبرسوله و بما جاء لهم عنه ( وعملوا الصالحات وأقاموا الصلوة وأتوا ألزكوة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) على فائت ( فأن قيل ) ان الانسان اذا بلغ عارفا بالله وقبل وجوب الصلاة والزكاة عليه مات وهو من أهل الثواب بالاتفاق وذلك يدل على ان استحقاق الثواب لايتوقف على حصول العمل وهو ما يجعلنا نقول بأنه تعالى انما ذكر هذه الخصال لا لاجل ان استحقاق الثواب مشروط بهذا بل لاجل ان لكل منهما اثرا فى جلب الثواب ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا ) أى اتركوا بقايا ما شرطم على الناس من الربا الذى أخذتم بعضه قبل التحريم ( ان كنتم مؤمنين ) صادقين فى ايمانكم فان دليل الايمان أمتثال ما أمرتم به روى انها نزلت لما طالب بعض الصحابة بعد النهى بربا كان لهم من قبل ( فان لم تفعلوا ) أى تذروا ما بقى من الربا ( فأذنوا ) أعلموا وأيقنوا ( بحرب من الله ورسوله ) لكم قال اهل المعانى حرب الله تعالى النار وحرب رسوله صلى الله عليه وسلم السيف مقتضى ذلك انهم يقاتلون ان لم يتوبوا ويرجعوا عن الربا ( وان تبتم ) اى تركتم استحلال الربا ورجعتم عنه ( فلكم رؤس أموالكم لاتظلمون ) بطلب الزيادة ( ولا تظلمون ) بالنقصان عن رأس المال ولما نزلت هذه الاية قال المرابون بل نتوب الى الله فأنه لا ثبات لنا بحرب من الله ورسوله فرضوا برأس المال فشكا من عليهم الدين العسرة وقالوا لمن لهم الدين أخرونا الى ان ندرك الغلات فأبوا أن يؤخروا فأنزل الله تعالى ( وان كان ذو عسرة فنظرت الى ميسرة ) أى وقت يسره ( وأن تصدقوا ) أى تتصدقوا على المعسر بالابراء ( خير لكم ) أى أكثر ثوابا من الانظار وهذا مما فضل المندوب فيه الواجب فان الابراء مندوب اليه والانظار واجب فيحرم حبس المعسر وهل القول قوله فى أعساره أو لا بد من بينة تشهد بذلك . ينظر ان كان الدين عن عوض كالبيع والقرض فلابد من بينة وان كان عن غير عوض كالضمان والاتلاف والصداق فالقول قول المعسر بيمينه وعلى الغريم البينة الا ان يعرف له مال فلابد من بينة ( ان كنتم تعلمون ) فضل التصدق على الانظار فأفعلوا قال عليه الصلاة والسلام لايحل دين رجل مسلم فيؤخره الا كان له بكل يوم صدقة وروى ان من أنظر معسرا أو وضع عنه. أنجاه الله من كرب يوم القيامة وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الملائكة تلقت روح رجل كان قبلكم فقالوا له هل عملت خيرا قط قال لا قالوا تذكر قال الا أنى رجل كنت أداين الناس فكنت أمر فتيانى بان ينظروا الموسر ويتجاوزوا عن المعسر قال الله تعالى تجاوزوا عنه وقال صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا او وضع عنه أظله الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله ( واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ) صدق الله العظيم .........يتبع بأذن الله تعالى