أى فهدى الله الذين أمنوا للحق الذى اختلف فيه من أختلف ( بأذنه ) بأرادته ولطفه قال ابن دريد فى هذة الاية اختلفوا فى القبلة فمنهم من يصلى الى المشرق ومنهم من يصلى الى المغرب ومنهم من يصلى الى بيت المقدس فهدانا الله للكعبة واختلفوا فى الصيام فهدانا الله لشهر رمضان واختلفوا فى الايام فأخذت اليهود السبت والنصارى الاحد فهدانا الله ليوم الجمعه واختلفوا فى ابراهيم فقالت اليهود كان يهوديا وقالت النصارى كان نصرانيا فهدانا الله للحق من ذلك واختلفوا فى عيسى فجعله النصارى ألها فهدانا الله للحق فيه ( والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم ) طريق الحق لايضل سالكه ( أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ) خاطب به النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بعد ما ذكر أختلاف الامم على الانبياء بعد مجئ الايات تشجيعا لهم على الثبات مع مخاليفهم ( ولما يأتكم مثل ) شبه ما أتى أى لن ياتى مثله ( الذين خلوا من قبلكم ) من المؤمنين وما واجهه من المحن فتصبروا كما صبروا قيل نزلت فى غزوة الخندق حين اصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد وشدة الخوف والبرد وضيق العيش وانواع الاذى ( مستهم البأساء ) شدة الفقر ( والضراء ) المرض ( وزلزلوا ) ازعجوا بأنواع البلاء بما أصابهم من الشدائد ( حتى يقول ) أى قال ( الرسول والذين أمنوا معه ) لتناهى الشدة وأستطالة المدة استبطاء للنصر ( متى ) يأتى ( نصر الله ) الذى وعدنا فأجيبوا من قبل الله عز وجل ( ألا أن نصر الله قريب ) أتيانه وفيه اشارة الى ان الوصول الى الله تعالى والفوز بالكرامة عنده برفض الهوى واللذات ومكايدة الشدائد كما قال عليه الصلاة والسلام حفت الجنه بالمكاره وحفت النار بالشهوات رواه الشيخان وغيرهما وفى رواية لهم حجبت اى أى جعلت المكاره حجابا دون الجنة فمن خرقه دخلها والشهوات حجابا دون النار فمن اقتحمه دخلها ( يسئلونك ) يا محمد ( ماذا ينفقون ) أى الذين ينفقونه والسائل عمرو بن الجموح وكان شيخا ذا مال فسأل النبى صلى الله عليه وسلم عما ينفق وعلى من ينفق فنزل ( قل ) لهم ( ما أنفقتم من خير ) أى مال قليلا كان او كثيرا ( فا للولدين والاقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ) أى هم اولى به ( وما تفعلوا من خير ) أنفاق او غيره ( فأن الله به عليم ) فمجاز عليه خير جزاء ( كتب ) فرض ( عليكم القتال ) للكفار ( وهو كره لكم ) شاق عليكم ومكروه لمشقته ( وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم ) لميل النفس الى الشهوات الموجبه لهلاكها. ونفورها عن التكليفات الموجبه لسعادتها فلعل لكم فى القتال وان كرهتموه خيرا لان فيه اما الظفر والغنيمة أو الشهادة وألاجر وفى تركه وان احببتموه شرا لآن فيه الذل والفقر وحرمان الاجر ( والله يعلم ) ماهو خير لكم ( وأنتم لا تعلمون ) ذلك فبادروا الى ما يأمركم به وفيه دليل على ان الاحكام تتبع المصالح الراجحه وان لم تعرف عينها او اسبابها ( يسئلونك ) صدق الله العظيم .........يتبع بأذن الله تعالى