القضاء والقدر والمشيئة صفة من صفات الله تعالى فى الازل بلا كيف ويعنى ان اصل هذه الصفات ثابت بالكتاب والسنة واجماع الامة والله سبحانه وتعالى لاتشبه صفاته صفات المخلوقات كما لاتشبه ذاته ذوات المخلوقات وفى الحديث القدسى سر الله لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبى مرسل فلا يجوز الخوض فيه . اذن فالقضاء قضاء الله والقدر قدر الله والمشيئة مشيئة الله .
خلق الله الخلق سليما أى خاليا من الكفر والايمان الذين يكسبهما فى الدنيا ثم خاطبهم عند البلوغ مع العقل وأمرهم بالايمان والطاعة ونهاهم عن الكفر والعصيان فكفر من كفر بفعله الاختيارى وجحوده الحق ( واعلم ) ان الله تعالى أخرج ذرية أدم عليه السلام من صلبه فجعلهم عقلاء فخاطبهم وأمرهم بالايمان ونهاهم عن الكفر فأقروا له بالربوبية وكان ذلك منهم ايمانا فهم يولدون على تلك الفطرة أى الايمان فمن كفر بعد ذلك فقد بدل وغير أى بدل وغير ايمانه الفطرى بالكفر الذى اكتسبه باختياره بعد البلوغ قال النبى صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على فطرة الاسلام فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه وهذا دليل على ان اطفال المسلمين واطفال الكافرين مؤمنون بالايمان الفطرى . والله تعالى لا يخلق الكفر والايمان فى قلب العبد بطريق الجبر والاكراه بل يخلقهما باختيار العبد فالكفر والايمان والطاعة والعصيان من افعال العباد .
اما الرسل فهم بشر أوحي اليهم بشرع يعملون به ويبلغونه الى من ارسل اليهم وذلك بخلاف النبى فانه انسان من البشر ذكر حر أوحى اليه بشرع يعمل به ولم يؤمر بتبليغه والحكمة فى بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام ان الله سبحانه وتعالى يعلم ان غالب افراد النوع الانسانى لا يتيسر لهم أن يهتدوا الى السعادة الابدية بدون مرشد فلذلك ارسل لهم الرسل ليرشدوهم الى الايمان وفعل الطاعات واجتناب المحرمات ويبشرون من أمن منهم بالجنة وينذرون من كفر منهم بالنار فقال تعالى وما نرسل المرسلين ألا مبشرين ومنذرين ومن رحمته وعظيم حكمته جعلهم من جنس البشر وليسوا من الملائكة ولا من الجن ليسهل الاخذ عنهم وخصهم بأظهار المعجزات على ايديهم لتكون لهم حجة على صدق رسالتهم وجعلهم اكمل الناس خلقا وخلقا عليهم الصلاة والسلام ويجب عليهم بتبليغ ما أمروا بتبليغه للخلق كما يجب فى حقهم الفطانة فلو انتفت عنهم صفة الفطانة لما قدروا ان يقيموا حجة على الخصم وقد دل القران فى مواضيع كثيرة على اقامتهم الحجة على الخصم والرسل والانبياء كثيرون كما ذكر فى قوله تعالى منهم من قصصنا عليك ومنهم لم نقصص عليك ولكن الواجب معرفته منهم عليهم الصلاة والسلام على المكلف خمسة وعشرون كما ذكرنا من قبل فاحفظهم تسلم . اما يجب اعتقاده فى حق الملائكة عليهم السلام فهو ما سنذكره فى القادم بأذن الله تعالى ......يتبع