تابع انوار علوم الحقيقة والشريعة ( علم التوحيد ويسمى علم الكلام ) 4

قلنا فيما سبق ان أبو منصور الماتوريدى والشيخ أبو حسن الاشعرى أنهم هم من دون كتب هذا العلم ( علم الكلام ). وقد ظهرا أتباع الماتريدى فيما وراء نهر سجون فقط وظهر اتباع الشيخ ابى الحسن فى أكثر البلاد كخراسان والعراق والشام ومصر والمغرب وغير ذلك من البلاد الاسلامية فلذلك صار غالب الناس يقولون اذا مدحوا عالما فلان عقيدته أشعريه صحيحة وليس مرادهم نفى صحة عقيدة غير الاشعرى . وهذا العلم يفترض تعلمه على كل مكلف من ذكر وأنثى ولو بأدله اجمالية وأما معلرفة أدلته التفصيلية فهى فرض كفاية اذا قام بها بعض الائمة سقط الطلب عن الباقين والصحيح أن من قلد غيره فى العقائد الدينية بأن يعتقدها أعتقادا جازما لا يقبل الشك والتردد يكون أيمانا صحيحا ولكنه يكون أثما بترك النظر فى الادلة ان كان قادرا على ذلك والا فلا ( وقال الامام السنوسى فى كبراه ) وبالجملة فالذى حكاه غير واحد من جمهور أهل السنة ومحققيهم أن التقليد لا يكفى فى العقائد . ولهذا قد بالغت العلماء رضى الله تعالى عنهم فى الاحتياط للدين ونظرت بعين الرحمة لجميع المسلمين فافسدت على المبتدعه الشبهات والجهالات ونسخت لهم جميع الاوهام والتخيلات بأجوبه قاطعة لا يجد العاقل عن الاذعان لها سبيلا وأتفقوا رضى الله عنهم فى جميع ذلك الذخائر التى حصلت لهم من الكتاب والسنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم القدوة لهذة الامة ولقد كان حرز الدين محفوظا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم أن يتجاسر عليه احد بنية الاختلاس منه وانما تجاسر من تجاسر عند غيبته لكن لم يمت صلى الله عليه وسلم حتى ورث علماء أمته وأهل سنته من المعارف ما يدفعون به كل عدو يريد الاختلاس من دينه ز فمهما لاح لهم مختلس يريد شيئا من الدين قابلوه بشهاب من نيران البراهين فردوه خاسئا لم ينقلب الا بأعظم فضيحة . وأين هذا الجهاد والرباط من جهاد السيوف ورباط الثغور الذى غايته حفظ نفس أو مال لابد فى الدنيا من فراقهما وهذا حفظ دين لو ذهب لهلك الناس فى عذاب جهنم أبد الابدين والذى جرت به العادة وأمر به الشرع تحصيل العلوم من طرقها المألوفة وهو الاجتهاد فى النظر والتعلم من العلماء والتزام التعب فى الدرس والرحلة فى طلب الفوائد وقد روى فى الحديث ( لا يستطاع العلم براحة الجسم واطلبوا العلم ولو بالصين ) وورد انما العلم بالتعلم وقال الله تعالى لنبيه يحى عليه السلام ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) وقال لكليمه موسى عليه السلام وكتبنا له فى الالوح الى قوله فخذها بقوة ولقد سافر عليه السلام مع ما اعطى من علم كل شئ للقاء الخضر عليه السلام حتى مسه التعب فى ذلك وقال لقد لقينا من سفرنا هذا قصبا . هذا ولا يخفى على ذى بصيرة ان غرس عقائد الدين فى قلوب البنات  والبنين واستمرارهم على اداء الوجبات الشرعية والفرائض الاسلامية بعد ان أمتزجت عقائدها بضمائرهم وتمكنت من سرائرهم وجنحوا بكليتهم اليها وشبوا من عهد حداثتهم عليها من سن الطفولية الذى هو أبان القابلية واستعداد النفوس الى ما يلقى اليها ويغرس فيها هو الامر الذى به سعادة العالمين فى الدنيا والدين. ومعلوم ان اساس ذلك انما هو القران الكريم والسنة الشريفة المحمدية فعلى العاقل ان يتدارك نفسه باداء ما كلف به كل على حسب استعداده فان من لم يستكمل نفسه بلايمان والطاعة فهو بمعزل من ان يتبوأ مبوأ الكاملين ومن لم يجعل صدره مشكاة للانوار الالهية لم يفض على ظاهره جمال الاداب النبوية وقد ذكر الشيخ السنوسى فى كبراه ان فتنة القبر لا ينجو منها من اخذ فى دينه بالتقليد وترك النظر فى أدلة الرسالة والتوحيد والله الموفق نسأله سبحانه ان يثبتنا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الاخرة وان ينيلنا من مراتب أوليائه وأحبابه فى حياتنا وبعد مماتنا المراتب الفاخرة  ......يتبع بأذن الله تعالى 

المشاركات الشائعة