قوله تعالى وجاءت سكرة الموت بالحق يريد بذلك وعد الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من ظهور ملك الموت وجنوده واشقاق السقف وأن يكشف له عن مقعده أما فى الجنة أو فى النار وذلك عند مجئ سكرة الموت وهو الحق الذى ذكره المصطفى صلى الله عليه وسلم من الايمان بالغيب ثم من بعده سؤال القبر بمنكر ونكير وهو أول مايلقى الميت اذا الحد أما سكرة الموت فهو أسم مفرد للجنس لان للموت سكرات ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج سكرات الموت كان يقول ان للموت سكرات وسكرات الموت بحسب كل شخص بما فعل فى دار الدنيا وسميت سكرة لانها تذهل العقول عند ظهورها فيبقى الانسان كالسكران وذلك ان أعمال العبد تظهر له عند الموت صفاتها فى الحسن و القبح يريد جزاء العمل فالمغتاب تقرض شفاهه بمقاريض من نار والسامع للغيبه يسلك فى أذنيه نار جهنم والظالم تتفرق روحه بكل مظلوم واكل الحرام يقدم له القوم وكذلك الى اخر افعال العبد كل ذلك يظهر عند سكرات الموت فالميت يجوزها سكرة بعد سكرة فعند اخرها تقبض روحه وهو قوله تعالى ذلك ماكنت منه تحيد يعنى تحيد بطول الامال والحرص على البقاء فى دار الدنيا . وعن ابى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى اناسا يضحكون فقال أما انكم لو ذكرتم هاذم اللذات لشغلكم عما أرى ثم قال أكثروا منذكر هاذم اللذات وأنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار . وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لكعب الاحبار يا كعب حدثنا عن الموت فقال كعب باأمير المؤمنين كأنه غصن شوك أدخل فى جوف رجل فأخذت كل شوكه بعرق ثم اخذها رجل شديد الجذب فجذبها جذبة شديدة فقطع منها ما قطع وأبقى ماأبقى . وروى عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنه أنه قال كان ابى رحمه الله تعالى كثيرا ما يقول انى لاعجب من الرجل نزل به الموت ومعه عقله ولسانه كيف لا يحدث به ويصفه قال فلما نزل به الموت قلت له يا ابت كنت تقول كذا وكذا قال يابنى الموت اعظم من ان يوصف ولكن سأصف لك منه شيئا ....... يتبع باذن الله