وقيل ان العبد اذا مات ونزل به عذاب القبر جاءه وضؤه فاستنقذه من ذلك واذا احتوشته الشياطين جاءه ذكر الله تعالى فخلصه من أيديهم واذا احتوشته ملائكة الغضب جاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم واذا تلهب عطشا فى القيامة جاءه صوم شهر رمضان فسقاه .
اخوانى انظروا الى بركات شهر رمضان ونفعه لكم فى الدنيا والاخرة أما فى الدنيا فيحميكم من الشهوات الموجبة للنار والعذاب واما فى الاخرة فتفوزوا بالعفو والرضا من الملك الوهاب .
وروى عن أبى سليمان الدارانى رحمة الله عليه أنه صام يوما فى الحر ثم نام فراى قائلا يقول له أتبيع ثواب صومك فى هذا اليوم بمائة الف دينار فقال لا وعزة ربى قيل فبأى شئ تبيعه فقال لا ابيع الثواب بالدنيا وما فيها ولكن أبيعه بالنظر الى المولى فقيل له صم فسوف تراه انشاء الله تعالى .
اخوانى هذا شهر رمضان قد عزم على الانصراف والانصرام ونوى النقلة عنكم والرحيل بعد المقام وهو شاهد لكم او عليكم بما اودعتموه من الاعمال عند الملك العلام طالما عمرت به القلوب ودرست به معالم الذنوب والاثام وقد كان لكم نعم الضيف فهل أضعته حقه ام قمتم بما يجب له من الاكرام فلعلنا لا ندركه بعد هذا العام والمغتر بالاهمال لاتهمله المنون الى استكمال التمام فيندم حين لا ينفعه الندم فالسعيد من بادر هذه البقية بالاغتنام والشقى من جعل هذه البقية بغفلته كالاعدام وكيف لا يدرك الخير من قام فى ليلة القدر التى هى سلام فكانت أمامه وما فاتت صلات الصلاة من جعل التقوى امام اما هذه ليالى القبول فلم يغتر المفرط فيها بالاحلام اما هذه ليالى القدر وليالى القبول فالى متى انت مشغول .
قال بعض الصالحين رحمة الله عليهم حضرت مجلس منصور بن عمار الواعظ رحمة الله عليه فى أخر جمعة من شهر رمضان فذكر فضل صيامه واجر قيامه وما أعد الله فيه لمن أخلص الاعمال وتجنب الاهمال فما تحرك من مجلسه باك ولا شكا عظيم ذنبه شاك فلما راى جمود مجلسه قال يا قوم ألا من باك على ماظهر من عيوبه ألا راغب الى الله تعالى فى غفران ذنوبه أما هذا شهر التوبة والغفران أما فيه تفتح ابواب الجنان اما فيه تغلق ابواب النيران أما فيه يصفد كل مارد وشيطان أما فيه يتجلى الملك الديان أما فيه يعتق كل ليلة عند الافطار الف الف عتيق من النار فمالكم عن ثوابه ضالون وفى ثياب المخالفة رافلون أفسحر هذا أم انتم لا تبصرون فتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ثم قرأ قوله تعالى ( وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ) فهاج المجلس بالبكاء والنحيب .......يتبع بأذن الله تعالى