وقال يحيى ابن الحسن رحمه الله سمعت معروفا الكرخى رحمة الله عليه يقول رأيت رجلا بالبادية شابا حسن الشباب وله ذؤابتان وعلى رأسه رداء قطن وعليه قميص كتان وفى رجليه طاق نعل قال معروف فتعجبت منه فى مثل ذلك المكان فسلمت عليه فرد على السلام فقلت له من أين انت قال من مدينة دمشق قلت له ومتى خرجت منها قال ضحوة النهار فتعجبت منه وكان بينه وبين دمشق مسافة بعيدة قلت واين تقصد قال مكة فعلمت انه محمول بالعناية فودعنى ومضى ولم اره حتى مضت ثلاث سنين فلما كان ذات يوم وأنا جالس فى منزلى أتفكر وأذا بالباب يطرق فخرجت فاذا هو صاحبى فسلمت عليه وقلت أهلا ومرحبا وادخلته المنزل فرأيته منقطعا والها حافيا حاسرا فقلت له ما الخبر فقال يارجل لاطفنى حتى أدخلنى الشبكة فرمانى فمرة يلاطفنى ومرة يهددنى ومرة يجيعنى ومرة يكرمنى قال معروف فابكانى كلامه فقلت له حدثنى ببعض ما جرى عليك منذ فارقتنى فقال هيهات ان ابديه وهو يريد ان اخفيه ثم استفرغه البكاء فقلت وما فعل بك فقال جوعنى ثلاثين يوما ثم جئت الى قرية فيها مقثاة كم أخرجت الورق فقعدت أكل من الورق فنظرنى صاحب المقثأة فأقبل يضربن على ظهرى وعلى بطنى ويقول يالص ماأخرب مقثأتى غيرك وأنا منذ كم أرصدك حتى وقعت عليك والله لآعذبنك أنواع العذاب فبينما هو يضربنى أذ اقبل فارس نحوه مسرعا وقلب السوط على رأسه وقال له ويلك من الله تعالى هذا الطيب الصالح تقول له يالص وتضربه وتهينه وكل مافعله انه من شدة جوعه أكل الورق ثم ذهب فما من صاحب المقثأة الا حلت عليه سكينة وأخذ يقبل رأسى ويدى واعتذر لى وذهب بى الى منزله وأكرمنى وأحسن الى وسبل مقثأته للفقراء والمساكين فقلت له انا من اصحاب معروف الكرخى فقال صفه لى فوصفتك له فعرفك وما أن أتم كلامه وحكى عن بعض ما جرى له فأذا بالباب يدق واذا به صاحب المقثأة فدخل الينا وكان موسرا فاخذ الشاب وخرج معه واخذ يفرق من ماله على الفقراء والمساكين ثم خرجا الى الحج وأعتمرا وماتا ودفنا بالمعلاة من مكة رحمهما الله تعالى .
ومن دعاء معروف الكرخى رضى الله عنه . اللهم يا من وفق أهل الخير للخير وأعانهم عليه وفقنا للخير وأعنا عليه * وجاء رجل الى معروف رحمه الله تعالى وقال له أدعو لى الله ان يلين قلبى فقال قل ياملين القلوب لين قلبى قبل ان تلينه عند الموت * وقال سرى السفطى رحمة الله عليه هذا الذى انا فيه ما نلته الا ببركة معروف الكرخى رضى الله عنه وذلك انى انصرفت مرة من صلاة العيد فرأيت معروفا ومعه صبى أشعث وهو باك مكسور القلب فقلت ما لى أرى معك هذا الصغير باكيا فقال لى رأيت رأيت الصبيان يلعبون وهذا الصبى واقف مكسور القلب لا يلعب معهم فسألته فقال لى انا يتيم مات ابى ولم يخلف لى شيئا وليس معى شئ أشترى به جوزا ألعب به مع الصبيان فأخذته معى لعلى أجمع له نوى يشترى به جوزا يلعب به فقلت له اعطنى اياه أغير من حاله ماتشعث قال أو تفعل قلت نعم قال خذه أغنى الله قلبك بالايمان وعرفك الطريق اليه فى السر والاعلان قال السرى فأخذت الصبى ومضيت به الى السوق فكسوته كسوة حسنة واشتريت له جوزا فلعب به مع الصبيان نهاره وسألوه فقالوا من فعل بك هذا المعروف فقال سيدى السرى ومعروف فلما مضى الصبيان أتى الى فرحان فقلت له كيف كان يومك فقال ياعم كسوتنى من ملابس الاحسان وفرحتنى بين الصبيان وجبرت قلبى بعد الكسر والاحزان فألله تعالى يجبرك بين يديه ويفتح لك طريقا اليه قال فسررت بذلك سرورا شديدا وجددت لى بالفرح عيدا جديدا .........يتبع بأذن الله تعالى