الحمد لله الذى جعل العلم للعلماء سببا وأغناهم به وان عدموا مالا ونشبا ولاجله فاز ادريس عليه السلام بالجنة ورفعه الله واجتبى ولطلبه قام الكليم ويوشع وانتصبا فسارا الى الله الى ان لقيا فى سفرهما نصبا اذ قال موسى لفتاه لا ابرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا وبسببه خلق ادم للبشر أبا وأمر الملائكة بالسجود له فسجدوا الا ابليس أبى وأستخرج من ذريته قبائل وشعبا واجرى عليهم قلم القضاء وجعل لكل شئ سببا وفق اهل العلم بعنايته فقاموا فى خدمته رغبا ورهبا وفقههم وعرفهم أحكامه فاحرزوا به مزايا ورتبا وجعلهم فى الدنيا كالاعلام وهداة للانام فاكتسبوا به مجدا وأدبا وقذف فى قلوبهم انوارا يرون بها من المشكلات ما كان بعيدا محتجبا وكساهم به عزا وجلالة وسمتا ومهابة فغدا كل منهم مكرما ومجتبى واذاقهم حلاوة أحكامه فما وجدوا فى سفر طلبه تعبا فاذا وفدوا اليه فى القيامة ألبسهم تيجان الكرامة وناداهم أهلا وسهلا ومرحبا .نحمده حمدا نتخذه للنجاة سببا ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة نهتز بها طربا ونشهد ان محمدا عبده ورسوله النبى المصطفى والرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه وازواجه وذريته صلاة وسلاما دائمين ما هطلت الساء بوبلها وأبدت سحبا .
روى الحافظ أبوعمر بن عبد البر رحمه الله فى كتاب الانساب ان الامام مالك بن أنس بن أبى عامر الاصبحى رضى الله عنه كان امام دار الهجرة وفيها ظهر الحق وأنتصر وقام الدين وأشتهر ومنها فتحت البلاد وتواصلت الامداد . وسمى عالم المدينة وأنتشر علمه فى الامصار وأشتهر فى سائر ألاقطار وضربت له أكباد الابل وارتحل الناس اليه من كل فج فأنتصب لتدريس العلم وهو أبن سبع عشرة سنة فاحتاج أشياخه اليه وعاش قريبا من تسعين سنة ومكث يفتى الناس ويعلمهم نحوا من سبعين سنة وشهد له التابعون بالفقه والحديث وروى عنه من الائمة المشهورين والعلماء المذكورين محمد بن شهاب الزهرى امام السنة وربيعة بن عبد الرحمن فقيه أهل المدينة ويحي بن سعيد الانصارى وموسى بن عقبة وهؤلاء كلهم أشياخه ورووا عنه وتاول فيه التابعون وتابعوهم انه العالم الذى بشر به النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه الترمذى وغيره وهو قوله صلى الله عليه وسلم ينقطع العلم فلا يبقى عالم أعلم من عالم المدينة وفى حديث اخر ليس على ظهر الدنيا أعلم منه فتضرب اليه اكباد الابل وفى حديث اخر يوشك الناس ان يضربوا أكباد الابل فلا يجدون عالما اعلم من عالم المدينة . قال ابن عينية كانوا يرونه مالكا . .....يستكمل بشيئة الله تعالى