وقال المزنى ومحمد بن عبدالله بن عبد الحكم جاء الشافعى الى مالك رضى الله عنهما فقال له اريد أن أسمع منك ألموطأ فقال مالك أمض الى حبيب كاتبى فانه يقول قرأته فقال له الشافعى تسمع منى رضى الله عنك صفحا فأن استحسنت قراءتى قرأته عليك والا تركتك فقال له اقرأ فقرأ صفحا ثم وقف فقال له مالك هيه فقرأ صفحا ثم سكت فقال له الامام هيه فقرا فاستحسن مالك قراءته فقرأ عليه الموطأ أجمع ثم اتاه بعد ذلك فقال له مالك أطلب من يقرأ لك فقال له الشافعى أحب أن تسمع قراءتى فان خفت عليك والا طلبت من يقرأ لى فقال له اقرأ فقرأت عليه فاعجبه ذلك ثم قال اقرأ فقرات عليه الموطأ من أوله الى أخره حفظا فدع لى وسر بذلك .
قال الربيع بن سليمان سمعت الشافعى يقول حملت عن محمد بن الحسن حمل جمل ليس عليه الا سماعى منه . وقال محمد بن عبدالله بن عبد الحكم قال الشافعى لم يكن لى مال وكنت أطلب العلم فى الصغر فكنت أذهب الى الديوان أستوهب الظهور فأكتب فيها .
وكان الشافعى رحمه الله يقول من أدعى أنه جمع بين حب الدنيا وحب خالقها فى قلبه فقد كذب . واما زهده رضى الله عنه فى الدنيا وسخاؤه فروى الحميدى ان الشافعى رضى الله عنه خرج الى اليمن فى بعض أشغاله ثم انصرف الى مكة ومعه عشرة الاف درهم فضرب خيمته خارج مكة فكان الناس ياتونه فما برح من مكانه حتى فرقها جميعها . وروى انه خاط قميصا عند بعض الخياطين ممن جهل قدره فهزأ به الخياط وجعل له الكم اليمين ضيقا لاتخرج منه يده الا بجهد والكم الاخر كان رأس عدل فلما جاء الشافعى ورأى كمه ضيقا جدا والاخر متسعا جدا فقال جزاك الله خيرا خيرا هذا الكم الضيق جيد لتشمير الوضؤ وهذا الكم الواسع لاجل الكتاب وكان رسول الملك قد جاء الى الشافعى بعشرة الاف درهم فصادفه عند الخياط فقال له ادفعها اليه حق خياطته هذا الثوب وفكرته فى تفصيله فسأل عنه الخياط فقيل له هذا الامام الشافعى فتبعه وقبل اقدامه واعتذر اليه ثم خدمه وصار من اصحابه . وقال الربيع تزوجت فسألنى الشافعى كم أصدقتها فقلت ثلاثين دينار قال كم أعطيتها قلت ستة دنانير فأرسل الى بصرة فيها اربعة وعشرون دينارا وجعل لى معلوما على الاذان بالجامع سنة أحدى ومائتين . وقال الشافعى رحمه الله أظلم الظالمين لنفسه الذى اذا ارتفع جفا اقاربه وانكر معارفه واستخفف بالاشراف وتكبر على ذوى الفضل وقرا بعضهم عنده يوما قوله تعالى هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون فتغير لونه وأقشعر جلده واضطربت مفاصله وخر مغشيا عليه فلما أفاق قال اعوذ بك من مقام الكاذبين واعراض الغافلين اللهم اعف عنى فى تقصيرى بكرمك وجللنى بسترك .
عسى فرج يأتى به الله أنه * له كل يوم فى خليقته أمر
........يستكمل بمشيئة الله تعالى