قال أدريس الحداد كان أحمد بن حنبل يوما جالسا وعنده جماعة نساء للدرس فخرجت منهم امرأة وقالت له ياسيدى أننى وجماعة من النساء نقعد على سطوحنا بقطن الغزل فيمر بنا مشاعل اهل الشرطة أفيجوز لنا ان نغزل فى ضوئها وشعاعها فقال لها أحمد من انت فقالت له انا أخت بشر ألحافى فقال لها أحمد من بيتكم خرج الورع لا تغزلى فى ضوئها .
قال أدريس لما دخل أحمد بن حنبل مكة للحج عسر عليه بعض حوائجه فأخذ سطلا كان معه ودفعه الى بعض البائعين رهنا على شئ كان يأخذه فلما فتح الله عليه بفكاكة حضر عند ذلك البائع فدفع له ماكان له وطلب السطل فقام البائع وأحضر سطلين على هيئة واحدة وقال قد أشتبه على سطلك فخذ ايهما شئت فقال أحمد وانا أشكل على أيهما لى والله لا أخذته فقال البائع وانا لا أتركه ابدا فاتفقا على بيعه والتصدق به . قال وكان اذا شهد جنازة لم يفطر ذلك اليوم ولم ينم تلك الليلة وكان اذا راى قبرا يصرخ كما تصرخ الثكلى . قال وخرج يوما من داره فوقع نظره على امرأة مكشوفة الوجهة فقال لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم وحلف ان لا يخرج ألا مغطى الوجه لئلا يبصر أحدا . وكانت اذا وقعت الحادثة أو المسئلة لا يكتبها حتى يوردها على الفقهاء فأن وافق رأيهم رأيه كتبها والا تركها واستغفر الله مما خطر بباله . قال وكان من زهده وورعه أذا جف القلم بيده مسحه فى رأسه ولم يمسحه فى ثوبه فقيل له فى ذلك فقال ان هذا مداد أثر العلم فلا أضعه فى خرقة لعلها ترمى فى نجاسة .
وقال محمد بن موسى ولد أحمد بن حنبل فى سنة أربع وستين ومائة ومات وهو أبن سبع وسبعين سنة ودفن يوم الجمعة بعد الصلاة وحشر الناس لجنازته . قال وكان أحمد بن حنبل أزهد أهل زمانه واورعهم وأفقههم وأتقاهم وأعرفهم بحديث النبى صلى الله عليه وسلم وأخبر بصحيحها من سقيمها وأعلم برجال ألحديث والصادق منهم والمنتحل وقد روى الف الف حديث منها بالاسانيد والمتون مائة الف وخمسون الفا . وقد روى انه لما ضرب وجرى عليه ما جرى وثبت الى المحنة حببه ذلك الى أهل الشرق وألغرب ولم يزل أحمد بن حنبل بعد ذلك فى رفعة وعلو وزيادة فى أعين الناس حتى أذا رأوه كأنهم رأوا أسدا . قال ودخل عليه مجاهد فى مرضه الذى مات فيه وهو يجود بنفسه فبكى وقال له ياأبا عبد الله أوصنى فأشار الى لسانه وقال لمثل هذا فليعمل العاملون ثم مات رحمة الله عليه ورضى عنه وأرضاه . تم .......... يتبع بأذن الله تعالى
