وفى قوله تعالى " محمد رسول الله وألذين معه أشدأ على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الانجيل كزرع أخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " صدق الله العظيم فانظر الى عظيم ما اشتملت عليه هذه الاية فان قوله تعالى محمد رسول الله جملة مبينة للمشهود به فى قوله تعالى هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين ألحق الى شهيدا ففيها ثناء عظيم على رسوله ثم ثنى بالثناء على أصحابه بقوله وألذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم كما قال تعالى " فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " صدق الله العظيم فوصفهم الله تعالى بالشدة والغلظة على الكفار وبالرحمة والبر والعطف على المؤمنين والذلة والخضوع لهم ثم أثنى عليهم بكثرة الاعمال مع الاخلاص وسعة الرجاء فى فضل الله ورحمته بأبتغائهم فضله ورضوانه وبأن اثار ذلك الاخلاص وغيره من أعمالهم الصالحة ظهرت فى وجوههم حتى أن من نظر أليهم بهره حسن سمتهم وهديهم ومن ثم قال مالك رضى الله عنه بلغنى أن النصارى كانوا أذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام قالوا والله لهؤلاء خير من ألحواريين فيما بلغنا وقد صدقوا فى ذلك فأن هذه الامة المحمدية خصوصا الصحابة لم يزل ذكرهم معظما فى الكتب كما قال الله تعالى فى هذة الاية ذلك مثلهم أى وصفهم فى التوارة ومثلهم أى وصفهم فى الانجيل كزرع أخرج شطأه أى فراخه فازره أى شده وقواه فأستغلظ أى شب فطال فأستوى على سوقه يعجب الزراع أى يعجبهم قوته وغلظه وحسن منظره فكذلك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطا مع الزرع ليغيظ بهم الكفار ومن هذة الاية أخذ الامام مالك فى رواية عنه الذين يبغضون الصحابة فقال لآن الصحابة يغيظونهم وهو مأخذ حسن يشهد له ظاهر الاية ومن ثم وافقه الشافعى رضى الله تعالى عنهما كما وافقه ايضا جماعة من الائمة وألاحاديث فى فضل الصحابة كثيرة ويكفيهم شرفا ثنأ الله عليهم فى تلك الايات كما ذكرنا وفى غيرها ورضاه عنهم وانه تعالى وعدهم جميعا لا بعضهم بمغفرة واجرا عظيما ووعد الله صدق وحق لا يتخلف ولا يخلف لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم .....يستكمل بمشيئة الله تعالى