ألصحابة رضوان الله عليهم ( 4 )

أن وقع الخلاف فى التفضيل بين الصحابة ومن جاء من بعدهم من صالحى هذه الامة ذهب فيه ابو عمر بن عبد البر انه يوجد فيمن يأتى بعد الصحابة من هو أفضل من بعض الصحابة واحتج على ذلك بخبر طوبى لمن رأنى وأمن بى مرة وطوبى لمن لم يرنى وامن بى سبع مرات . ويخبر عمر رضى الله تعالى عنه قال كنت جالسا عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال أتدرون أى الخلق أفضل أيمانا قلنا الملائكة قال وحق لهم بل غيرهم قلنا الانبياء قال وحق لهم بل غيرهم ثم قال صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق أيمانا قوم فى أصلاب الرجال يؤمنون بى ولم يرونى فهم أفضل الخلق ايمانا وبحديث مثل أمتى مثل ألمطر لا يدرى اخره خير أم أوله . ويخبر ليدركن ألمسيح أقواما انهم لمثلكم او خير ثلاثا ولن يخزى الله امة انا اولها والمسيح اخرها . ويخبر يأتى أيام للعامل فيهن اجر خمسين قيل منهم او منا يا رسول الله قال بل منكم . 

وبما روى ان عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة كتب الى سالم بن عبدالله بن عمر رضى الله تعالى عنهم ان اكتب لى سيرة عمر بن الخطاب لآعمل بها فكتب اليه سالم ان عملت بسيرة عمر فانت أفضل من عمر لآن زمانك ليس كزمان عمر ولا رجالك كرجال عمر وكتب الى فقهاء زمانه فكلهم كتب بمثل قول سالم . قال أبو عمر فهذه الاحاديث تقتضى مع تواتر طرقها وحسنها التسوية بين اول هذه الامة واخرها فى فضل العمل الا اهل بدر والحديبية قال وخبر خير الناس قرنى ليس على عمومه لانه جمع المنافقين واهل الكبائر الذين قام عليهم وعلى بعضهم الحدود .

والحديث الاول لا شاهد فيه للافضلية والثانى ضعيف فلا يحتج به لكن صحح الحاكم وحسن غيره فكان خبر يارسول الله هل احد خير منا اسلمنا معك وجاهدنا معك قال قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بى ولم يرونى . والجواب عنه وعن الحديث الثالث فانه حديث حسن له طرق قد يرتقى بها الى درجة الصحة وعن الحديث الرابع فأنه حسن ايضا وعن الحديث الخامس الذى رواه ابو داود والترمذى أن المفضول قد يكون فيه مزية لا توجد فى الفاضل وأيضا مجرد زيادة الاجر لا تستلزم الافضلية المطلقة وايضا الخيرية بينهما انما هى بأعتبار ما يمكن أن يجتمعا فيه وهو عموم الطاعات ألمشتركة بين سائر المؤمنين فلا يبعد حينئذ تفضيل بعض من ياتى عن بعض الصحابة رضوان عليهم فى ذلك وأما ما أختص به الصحابة رضوان الله عليهم وفازوا به من مشاهدة طلعته صلى الله عليه وسلم ورؤية ذاته المشرفة المكرمة لإامر من وراء العقل أذ لايسع احدا ان يأتى من الاعمال وان جلت بما يقارب ذلك فضلا عن أن يماثله ومن ثم سئل عبدالله بن المبارك وناهيك به جلالة وعلما أيما افضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز فقال الغبار الذى دخل أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمر بن عبد العزيز كذا وكذا مرة أشار بذلك الى ان فضيلة صحبته صلى الله عليه وسلم ورؤيته لا يعد لها شئ وبذلك علم الجواب عن عن أستدلال ابى عمر بقضية عمر ابن عبد العزيز وان قول اهل زمنه له أنت افضل من عمر انما هو بالنسبة لما تساويا فيه ان تصور فهو من العدل فى الرعية واما من حيث الصحبة ومزايا العلم والدين الذى شهد له بها النبى صلى الله عليه وسلم فأنى لعمر بن عبد العزيز او غيره ان يلحقوه فى ذرة من ذلك .......يستكمل بمشيئة الله تعالى 

المشاركات الشائعة