الحمد لله العظيم الذى لا يتعاظمه ذنب الا غفره ولا يرى عيبا الا ستره فضلا منه ورحمة وهو الذى سبقت رحمته غضبه وقد قال تعالى لينقذ المؤمنين من العصيان والغى " ورحمتى وسعت كل شئ " فمن تاب اليه نجاه ومن توكل عليه كفاه فأخرج لهم توقيع " قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا أنه هو الغفور الرحيم " وهنا خاطب الله سبحانه وتعالى عباده المسرفين على أنفسهم بالمخالفة وبما أكتسبوا من الذنوب والعصيان وبما أقترفوا من الفسق والطغيان فظنوا انهم لا يغفر لهم وقنطوا من رحمة الله عز وجل فقال الله تعالى قل ياعبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله يعنى لا تيأسوا من عفو الله وكرمه ومغفرته ان الله يغفر الذنوب جميعا لمن أناب وتاب من ذنبه ورجع عن ظلمه واستغفر من قبيح فعله انه هو الغفور الرحيم الغفور لمن تاب وندم على ما فعل من الذنوب الرحيم لمن رجع عم الافعال المذمومة الى الافعال المحمودة .
روى عقيل بن أحمد بأسناده عن ابن سيرين قال قال على رضى الله عنه ما فى القرأن أية أوسع من قوله تعالى قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله . وروى عبدالله بن حامد بأسناده عن أسماء بنت يزيد قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ قوله تعالى قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوامن رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالى .
عن أبى سعيد الازدى عن أبى الكنود قال دخل عبدالله بن مسعود المسجد فأذا بواعظ يعظ الناس وهو يذكر النار والاغلال فجاء حتى قام على رأسه فقال يا مذكر لم تقنط الناس ثم قرأ قوله تعالى قل ياعبادى الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله . الاية . وروى أبن فتحوية بأسناد عن زيد ابن أسلم ان رجلا كان فى الامم الماضية يجتهد فى العبادة فيشدد على نفسه ويقنط الناس من رحمة الله تعالى فلما مات رؤى فى المنام وهو بين يدى الله تعالى وقد قال يارب مالى عندك قال النار قال يارب فأين عبادتى واجتهادى فقال له انك كنت تقنط الناس من رحمتى فى الدنيا وأنا اليوم أقنطك من رحمتى . فيا هذا لو أراد الله سبحانه وتعالى أن يقنطك من السامحة بين يديه لما أحالك فى مغفرة الذنوب عليه فقال تعالى ومن يغفر الذنوب الا الله ثم قال سبحانه وتعالى لما رأى عفوه وسيعا ان الله يغفر الذنوب جميعا .........يستكمل بمشيئة الله تعالى
