سبحان من شرف الكعبة البيت الحرام وخصها بالاجلال والاعظام واصطفاها وجعلها حمى مباحا وجنابا رحبا لمن حام حول حماها وحرما امنا لمن دخل اليه ووفى ما عليه حين وفاها ووجهة لمن واجهها وأراد عنده جاها وهى التى هاجر منها الحبيب وما هجرها ولا قلاها وما أنقلب قلبه الى قبلة سواها حتى انزل عليه فى أيات سمعها وتلاها بسم الله الرحمن الرحيم " قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها " صدق الله العظيم . وفى قوله عز وجل " ان اول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه أيات بينات مقام أبراهيم ومن دخله كان أمنا ولله على الناس حج البيت من أستطاع اليه سبيلا ومن كفر فأن الله غنى عن العالمين " صدق الله العظيم .
قال ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير قوله ان اول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين . هى الكعبة ووضعها الله فى الارض قبالة البيت المعمور . كما روى ان ادم عليه السلام لما أهبط من الجنة وحج البيت لقيته الملائكة فقالت له بر حجك يا أدم لقد حجينا هذا البيت قبلك بألفى عام قال فما كنتم تقولون قالوا كنا نقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فكان أدم عليه السلام يقولها فى طوافه ثم يقول اللهم اجعل لهذا البيت عمارا من ذريتى فاوحى الله تعالى اليه انى معمر بيتى من ذريتك بنبى اسمه ابراهيم اتخذه خليلا وانى لاقضى على يديه عمارته فلما جاء الطوفان فى عهد نوح عليه السلام رفع الله عز وجل البيت الى السماء الرابعة وكان من زمرذة خضراء وفيه قناديل من قتاديل الجنة واخذ جبريل الحجر الاسود فأودعه فى جبل أبى قبيس صيانة له من الغرق فكان مكان البيت خاليا الى زمن ابراهيم عليه السلام فلما ولد له اسمعيل واسحق أمره الله تعالى ببناء بيت يذكر فيه فقال يارب بين لى صفته فارسل الله تعالى سحابة على قدر الكعبة فسارت معه حتى قدم مكة فوقفت فى موضع البيت ونودى يا ابراهيم ابن على ظلها لا تزد ولا تنقص فكان جبريل عليه السلام يعلمه وابراهيم يبنى واسمعيل يناوله الحجارة . ذكره ابن عباس وابن شهاب وقتادة رضى الله عنهما . وقوله تعالى فيه أيات بينات مقام ابراهيم أى ايات واضحات دالات على توفير الاجور والثواب . وقوله تعالى ومن دخله كان أمنا يعنى أمنا من النار وقيل أمنا من الفزع الاكبر وقيل أمنا من الشرك . وقوله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا والاستطاعة ان يكون قادرا على الزاد والراحلة وان يصح بدن العبد وان يكون الطريق امنا ونزيد ما يوافق زماننا هذا ان يكون لديه المال لدفع تكاليف الحج . ثم قال الله تعالى ومن كفر فان الله غنى عن العالمين أى من كفر بالحج فلم يرجحه برا ولا تركه أثما وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه . ........يستكمل بمشيئة الله تعالى