نستكمل ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما فى الحكمة من مناسك الحج الشريفة وذكرنا فيما سبق ما قاله فى الحكمة من التجرد من عند الاحرام ثم الاغتسال عند الاحرام والحكمة فى ذلك واليوم نستكمل الحكمة فى أفعال الحج وما فى المناسك الشريفة كما قال ابن عباس رضى الله عنهما عندما سئل فى ذلك :
وأما الحكمة فى التلبية فأن الانسان اذا ناداه انسان جليل القدر أجابه بالتلبية وحسن الكلام فكيف بمن ناداه مولاه الملك العلام ودعاه الى جنابه ليكفر عنه الذنوب والاثام وان العبد اذا قال لبيك يقول الله تعالى أنا دان اليك ومتجل عليك فسل ما تريد فانا اقرب اليك من حبل الوريد .
واما الحكمة فى الوقوف بعرفة وأخذ الجمار من المزدلفة فأن فيه أسرار لذوى العلم والمعرفة فمعناه كأن العبد يقول سيدى حملت جمرات الذنوب وألاوزار وقد رميتها فى طاعتك بالاقرار انك انت الكريم الغفار .
أما الحكمة فى الذكر عند المشعر الحرام وما فيه من الاجور العظام فكأن الحق تعالى يقول أذكرونى أذكركم من ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى ومن ذكرنى فى ملآ ذكرته فى ملآ خير من ملئه فاذا ذكرتمونى عند المشعر الحرام ذكرتكم بين ملائكتى الكرام وكتبت لكم توقيع الامان .
وأما الحكمة فى حلق الرأس بمنى ففيه حكمة يبلغ بها العبد جميع ألمنى وذلك أن فيه يقظة وتذكيرا لا يفهمهما ألا من كان عالما لان الحاج اذا وقف بعرفة وذكر الله عند المشعر الحرام وضحى بمنى وحلق رأسه وطهر بدنه من الادناس والاثام كتب الله عز وجل له ثوابا وضاعف له أجورا ووقاه جحيما وسعيرا وجعل له بكل شعرة يوم القيامة نورا واعطى توقيع الامان كما قال تعالى فى كتابه المكنون محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون .
واما الحكمة فى الطواف وما فيه من المعانى والالطاف فأن الطائف بالبيت يقول بلسان حاله عند دعائه وأبتهاله سيدى انت المقصود وانت الرب المعبود اتيت اليك مع جملة الوفود وطفت ببيتك لمشهود وقمت ببابك أرجو الكرم والجود وقد سبق خطابك لخليلك الامين فى محكم متابك المبين وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود .
وأما الحكمة فى الوقوف بعرفات وما فيه من المعانى البديعة الصفات فأن فيه تنبيها وتذكيرا بالوقوف بين يدى الحق سبحانه وتعالى يوم القيامة حفاة عراة مكشوفى الرؤس واقفين على أقدام الحسرة والندامة بضجون بالبكاء والعويل ويدعون مولاهم دعاء عبد ذليل .........يستكمل بمشيئة الله تعالى