( السادس مكر قريش بدار الندوة بمحمد صلى الله عليه وسلم ) قوله تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ( وقصته ) أن فى مكة دارا يقال لها دار الندوة اذا أرادوا تدبير أمر يجتمعون فيها فلما أرادوا المكر بالنبى صلى الله عليه وسلم اجتمع فيها خمسة من المشركين وهم عتبة وشيبة وابو جهل وأبو البحترى والعاص بن وائل فى أكثر الروايات كانوا خمسة وقال الثعلبى رحمة الله عليه اثنى عشر دخلوا دار الندوة ودخل فيما بينهم ابليس عليه اللعنة على صورة شيخ فى يده عصا فقال له ابو جهل انا قد أجتمعنا فى تدبير امر خفى فأرجع انت فقال ابليس انى شيخ من ارض نجد رأيت الدهور وجربت الامور اعلم ان مصالح التدبير موافقة التأويل والتفسير فأدخلونى معكم فى دار الندوة لعلى انبئكم بتأويله وأميز صحيح القول من عليله فادخلوه معهم فتشاوروا فبدأ عتبة عليه اللعنة وقال أن الموت حق فاصبروا حتى يقضى الله على محمد وننجو من شره فقال أبليس عليه اللعنة أف لك أين انت عن التدبير لا تصلح الا لرعى المواشى والحمير فلو صبرتم حتى يموت محمد يظهر دينه فى مشارق الارض ومغاربها فيجتمع عنده عسكر عظيم فيحاربونكم حتى يهلك جميعكم فقال الكل جميعا صدق الشيخ النجدى ثم قال شيبة عليه اللعنة أنى أرى ان نحبس محمدا فى بيت ونغلق بابه حتى يموت جوعا وعطشا فقال ابليس عليه لعنة الله وهذا ايضا ليس بصواب فان بنى أدم يجتمعون فيأخذونه من أيديكم ويخلون سبيله ويقع بينكم وبين أقاربه عدواة عظيمة فقالوا جميعا صدق الشيخ النجدى ثم قال العاص بن وائل نشد محمدا على جمل ونسوقه فى المهمة الاغبر والبر الاقفر ليهلك فيه فقال ابليس عليه اللعنة وهذا ايضا ليس بصواب لان محمدا قويم القامة صبيح الوجه فصيح اللسان مليح البيان وربما يلقاه احد يهديه الى البلاد فيصدقه كل من سمع كلامه ويجتمع عنده جمع عظيم فيرجع اليكم بجمع كثير ويحاربكم فصاحوا صدق الشيخ النجدى ثم قال ابو جهل عليه اللعنة انى أرى ان نخرج من كل قبيلة شابا ونهجم على محمد فى ليلة نضربه جميعا بالاسلحة حتى لا يعلم قاتله بعينه فاذا طلب اقاربه الدية فتجمع الاموال من القبائل ونعطيهم ونقطع عنا الطلب وننجو من شره فقال ابليس عليه اللعنة أصبت واحسنت فرأيك صواب وتدبيرك احسن التدبير واتفقوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا من دار الندوة فنزل جبريل عليه السلام بهذه الاية قوله تعالى وأذ يمكر بك الذين كفروا ألاية ثم قال جبريل عليه السلام يا محمد ان الله تعالى يقول لك أخرج من مكة الى المدينة فان لى فى ذلك سرا أدبره لا تجزعن فبعد العسر تيسير وكل شئ له وقت وتدبير وللميهمن فى احوالنا نظر وفوق تدبيرنا لله تقدير فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشاور مع أصحابه فقال أيكم يرافقنى ويوافقنى وقد أمرنى الله تعالى بالخروج الى المدينة فقال أبو بكر رضى الله عنه أنا يارسول الله ثم نظر الى أصحابه وقال ايكم يبيت على فراشى وأنا أضمن له الجنة فقال على بن أبى طالب أنا يا رسول الله أجعل روحى فداك لآنى أخوك ووالد سبطيك وزوج قرة عينيك ( عن جابر بن عبدالله رضى الله عنه ) قال سمعت على بن ابى طالب رضى الله عنه ينشد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع هذه الابيات انى اخوالمصطفى لا شك فى نسبى جدى وجد رسول الله منفرد قد صدقته جميع الناس فى ظلم من الضلالة والاشراك والنكد فالحمد لله شكرا لا شريك له البر بالعبد والباقى على الابد . قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال صدقت يا على ( رجعنا الى القصة ) فجاء على رضى الله عنه وبات على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت الكفار يحرسون حول دار رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرتقبون خروجه وكان ابليس عليه اللعنة معهم فسلط الله عليهم النوم والغفلة حتى ناموا جميعا ونام ابليس اللعين ولم ينم قط أكثر من تلك الليلة ولا ينام بعدها كثيرا أبدا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبى بكر رضى الله عنه ورأهم نياما وعندهم السيوف والاسلحة فأخذ التراب وحثاه على رؤسهم . وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة يس حين قصد المرور عليهم فلم يره احد ببركة يس فلما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ ابليس عليه اللعنة وأيقظهم وقال أن محمد قد ذهب ألا ترون كيف حثا التراب على رؤسكم فقاموا وطلبوا الرسول على فراشه فرأوا عليا فقالوا أين محمد فقال على رضى الله عنه ان الرب الاعلى ذهب بنبيه المصطفى الى ما يشاء من القربى والزلفى فانه يعلم السر وأخفى فلا يضل ولا ينسى فلا تطلبوه فى الارض لعله فى أعلى عليين ( وروى ) عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال اوحى الله تعالى الى جبريل وميكائيل عليهما السلام انى اخيت بينكما وجعلت عمر احد كما أطول من عمر الاخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فأختار كلاهما الحياة فأوحى الله اليهما هلا كنتما مثل على بن ابى طالب أخيت بينه وبين محمد فنام على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة اهبطا الى الارض واحفظاه من عدوه فنزلا فكان جبريل عليه السلام عند رأسه وميكائيل عليه السلام عند رجليه وجبريل عليه السلام ينادى بخ بخ من مثلك ياابن ابى طالب يباهى بك الله ملائكة السموات فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو متوجه الى المدينة فى شأن على رضى الله عنه قوله تعالى ومن الناس من يشرى نفسه أبتغاء مرضاة الله والله رؤف بالعباد صدق الله العظيم .....يتبع