نظر الراهب الى خاتم النبوة مرة واحدة فأكرمه الله تعالى بالايمان وأنقذه من عذابه فالمؤمن الذى ينظر الى قلبه الملك الديان الرؤف المنان ثلثمائة وستين نظرة فيرى فيه التوحيد والصفاء والاحسان والندامة على العصيان أفلا ينقذه من النيران ويستوجب له الجنان ويزوجه بالحور الحسان الذى لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان وكيف لا يطعمه من كل فاكهة زوجان فهو الرحيم الرحمن فلما وصل العير الى الشام وأتجروا فيه وكان ابو بكر رضى الله عنه ومحمد صلى الله عليه وسلم وميسرة خرجوا الى عيد اليهود للنظارة فلما وصلوا الى مصلاهم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيعتهم فنظر الى القناديل التى كانت معلقة بالسلاسل فتقطعت سلاسلها جميعا فخافت اليهود وقالت لعلمائهم ما هذه العلامة التى ظهرت قالوا نجد فى التوراة ان محمدا نبى اخر الزمان اذا حضر فى عيد اليهود تظهر هذه العلامة فلعله قد حضر اليوم فطلبوه وقالوا لو وجدناه لقتلناه ودفعنا شره فلما سمع ابو بكر رضى الله عنه وميسرة هذا القول تبادروا للرجوع الى مكة فرجعوا وكان ميسرة اذا دنا من مكة مسيرة سبعة ايام يرسل أحدا الى خديجة يبشرها بقدومه فقال لمحمد صلى الله عليه وسلم لو أرسلتك بشيرا هل تقدر على ذلك فقال نعم أقدر فأرسل ميسرة ناقة وزينها بانواع الحرير واركب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه نحو مكة وكتب كتابا وقال فيه ياسيدة قريش ان التجارة فى هذه السنة أربح تجارة فى سائر السنين فساق رسول الله صلى الله عليه وسلم الناقة وغاب عن أعينهم فأوحى الله تعالى الى جبريل عليه السلام أن اطو الارض تحت اقدام ناقة محمد صلى الله عليه وسلم ويااسرافيل أحفظه عن يمينه وياميكائيل أحفظه عن يساره ويا سحاب أظله فألقى الله تعالى عليه النوم فنام فأوصله الله تعالى فى تلك الساعة الى مكة وكانت خديجة رضى الله عنها جالسة على الرواق فنظرت نحو الشام فرأته راكبا يقبل والسحاب على رأسه يظللها وكانت حولها جوار كثيرة فقالت هل تعرفون ذلك الراكب الذى يجئ فقالت واحدة منهن يشبه محمد الامين فقالت خديجة رضى الله عتها ان كان هو محمد الامين فقد أعتقتكن جميعكن لقدومه فوصل رسول الله صلى الله عليه وسلم باب دارها فاستقبلته خديجة رضى الله عنها وأكرمته وبجلته وقالت وهبت لك الناقة التى ركبت بما عليها ثم ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيت عمه ومرت أيام فجاء يوما الى دار خديجة فقالت له خديجة رضى الله عنها يا محمد تكلم وأخبرنى بما تريد فقال أن عمى وعمتى أرسلانى بأن أسأل الاجرة يريدان ان يزوجانى وقال هذا القول وأستحى ونكس رأسه فقالت خديجة يا محمد ان الاجر قليل فلا يحصل منه شئ ولكن أزوجك زوجة من أشرف العرب وأحسنها حالا وأكثرها مالا وهى ترغب فيها ملوك العرب والعجم فلم تقبل وأنا أسعى فى تزويجها لك ولكن فيها عيب وهو انه كان لها زوج قبلك فأن قبلت فهى خادمتك وجاريتك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندها ولم يتكلم بشئ .......يتبع