أن المعروف لا يضيع ولو مع غير أهله ( حكى ) أن رجلا كان يعرف بابن حمير وكان له ورد وكان ذا ورع يصوم النهار ويقوم الليل وكان مبتلى بالقنص فخرج ذات يوم يصيد اذ عرضت له حية فقالت يا محمد بن حمير أجرنى أجارك الله فقال لها ممن فقالت من عدو قد ظلمنى قال لها وأين عدوك قالت ورائىقال لها ومن أى أمة أنت قالت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال ففتحت ردائى وقلت لها أدخلى فيه قالت يرانى عدوى قلت لها فما الذى اصنع بك قالت ان أردت اصطناع المعروف فافتح لى فاك حتى أدخل فيه قال أخشى أن تقتلينى قالت لا والله لا أقتلك الله شاهد على بذلك وملائكته وأنبياؤه ورسله وحملة عرشه وسكان سمواته ان انا قتلتك قال محمد ففتحت فمى فانسابت فيه ثم مضيت فعارضنى رجل معه صمصامة يعنى حربة فقال يامحمد قلت وما تشاء قال لقيت عدوى قلت ومن عدوك قال حية قلت لا واستغفرت ربى من قولى لا مائة مرة وقد علمت أين هى ثم مضيت قليلا فاخرجت رأسها من فمى وقالت مضى هذا العدو فالتفت فلم أر أحد فقلت لها لم أر أحدا ان أردت ان تخرجى فاخرجى فما أرى انسانا فقالت الآن يا محمد اختر لك واحد من اثنين اماأن أفتت كبدك واما ان أثقب فؤادك وأدعك بلا روح فقلت يا سبحان الله اين العهد الذى عهدتى الى واليمين الذى حلفتيه وماأسرع ما نسيتيه قالت يامحمد لما نسيت العدواة التى كانت بينى وبين أبيك أدم حيث أخرجته من الجنة على اى شئ فعلت المعروف مع غير أهله قلت لها ولابد من أن تقتلينى قالت لابد من ذلك قلت لها فامهلينى حتى اصير تحت هذا الجبل فامهد لنفسى موضعا قالت شانك قال فمضيت أريد الجبل وقد أيست من الحياة فرفعت طرفى الى السماء وقلت يا لطيف يا لطيف الطف بى بلطفك الخفى يا لطيف بلقدرة التى استويت بها على العرش فلم يعلم العرش اين مستقرك مستقرك منه الا ما كفيتنى هذه الحية ثم مشيت فعارضنى رجل صبيح الوجه طيب الرائحة نقى من الدرن فقال لى سلام عليك قلت وعليك السلام ياأخى أراك وقد تغير لونك قلت له من عدو قد ظلمنى قال وأين عدوك قلت فى جوفى قال لى افتح فاك قال ففتحت فمى فوضع فيه مثل ورق الزيتون أخضر ثم قال أمضغ وأبلع فمضغت وبلعت قال فلم ألبث ألا يسيرا حتى مغصنى بطنى ودارت فى بطنى فرميت بها من أسفل قطعة قطعة فتعلقت بالرجل وقلت يا أخى من أنت الذى من الله على بك فضحك ثم قال الا تعرفنى قلت لا قال انه لما كان بينك وبين الحية ما كان ودعوت بذلك الدعاء ضجت ملائكة السموات السبع الى الله عز وجل فقال وعزتى وجلالى بعينى كل ما فعلت الحية بعبدى وأمرنى سبحانه وتعالى بالمجئ اليك وأنا يقال لى المعروف مستقرى فى السماء الرابعة ان انطلق الى الجنة فخذ ورقة خضراء فالحق بها عبدى محمد بن حمير يا محمد عليك باصطناع المعروف فأنه يقى مصارع السؤ وان ضيعه المصطنع اليه لم يضع عند الله عز وجل .